إعدلوا الميزان المائل.. أثابكم الله بقلم: سماحة السيد علاء أبو العزائم

شيخ الطريقة العزمية، رئيس الاتحاد العالمى للطرق الصوفية

" ما تستعجبشي.. ما تستغربشي..

في ناس بتكسب ولا تتعبشي..

وناس بتتعب ولا تكسبشي..

ما تستعجبشي ما تستغربشي"

هذه الكلمات العامية المسجعة كتبها الراحل أبو السعود الإبياري لكي يلحّنها ويغنّيها الفنان الراحل إسماعيل ياسين في مونولوج شهير أضحك الكثير من المصريين.

لكن هذه الكلمات التي كانت تسمع للضحك والتندر، أصبحت هي الواقع الذي نعيشه، فأصبح هناك بعض الناس يكسبون دون تعب، والكثير يتعبون دون مكسب!

إذا قمنا بعمل جولة سريعة في "كمبوندات" القاهرة والجيزة الفارهة، وفي "شاليهات" الساحل الشمالي وساحل البحر الأحمر، لوجدنا هناك أناسًا ينفقون بإسراف، بعضهم قد يدفع في كوب من الماء 250 جنيهًا، أو يشرب فنجانًا من القهوة بـ500 جنيه، ثم تراهم يتحدثون عن قيمة عقاراتهم، فالبعض يقول: إنها بـ100 مليون جنيه، وآخرون تم تصويرهم في فيديو شهير يقولون: إنها لو كانت أقل من ذلك لكانت دون المستوى، ويخرج علينا مطور عقاري يقول: إنه يهتم بمحدودي الدخل لذلك سيطرح شقق ستديو بـ 13 مليون جنيه، ونرى سيارات تتجاوز قيمتها العشرة ملايين جنيهًا تتطاير على الطرق السريعة المؤدية للكمبوندات والشاليهات بصورة عجيبة.

منذ عدة سنوات تحدثت زوجة مسؤول سابق أنها فقيرة ولا تملك إلا مليارًا واحدًا، وتحدث ملياردير مصري على أنه أفقر أسرته بثروة تقدر بعدة مليارات من الدولارات!

وبالتوازي مع ذلك نجد فنانًا لا قيمة له يستعرض على الناس بسياراته، ويصفّهم صفًّا ثم يخرج في أغانيه ليلقِى آلاف أو ملايين من الدولارات على نفسه، التي جمعها من تذاكر حفلاته التي اشتهر فيها بخلع ملابسه!

وتجد شبابًا من القاع يخرجون ويبدّدون أموالاً كسبوها من فيديوهات التيك توك واليوتيوب، وتجد منهم من أصبحوا مليونيرات لكنهم يتسوّلون على البث المباشر في تيك توك نظير هدية بعدة دولارات، وبعضهم أو بعضهن يصورن هذه الفيديوهات من مطابخ منازلهم أو من حجر نومهم، في مشهد قبيح يدل على أن عبودية المال أصبحت هي الدِين الرائج في مجتمع يتنازل عن دينه وقيمه ومبادئه وأخلاقه بل كرامته وشرفه من أجل المال، ولا شيء غير المال!

ألم الشباب

أكتب في مجلة (الإسلام وطن) مقالات منذ عام 1994م أي منذ ثلاثين عامًا، مع بداية ولايتي لمشيخة الطريقة العزمية. وطوال هذه المدة أكتب وأتحدث لإخوان آل العزائم أو لغيرهم في وسائل الإعلام الجماهيرية والمؤتمرات واللقاءات الشعبية من أجل إصلاح الواقع الفاسد الذي نعيشه.

لكن أكثر ما يعتصرني ألمًا هو الانهيار الاجتماعي والقيمي والثقافي والأخلاقي الذي تشهده مجتمعاتنا.

عندما أمُرُّ على "الشاليهات" أو "الكمبوندات" الفارهة في مصر، أجد طرفي نقيض، شباب يتعب بجهد شديد ويعمل وردية أو أكثر من أجل أن يحصل على عدة آلاف من الجنيهات قد تسدّ حاجات بيته أو لا تسده، من أجل بناء عقارات يدفع فيها بعض السفهاء مبالغ تتجاوز المائة مليون جنيه.

الشباب المكافح الذي قد يكون راتبه 6 آلاف جنيهًا- الحد الأدنى للأجور- إذا كان موظفًا في جهة تابعة للدولة، أو أقل إذا كان في القطاع الخاص، يُفرض عليه العمل خلال الأعياد والإجازات من أجل سرعة إنجاز هذه العقارات لأشخاص يمضون ما يقرب من نصف العام على شواطئ العلمين والجونة وشرم الشيخ ينفقون فيها هذا الراتب في نصف ساعة على البحر، مقابل بعض التسالي والمياه والمشروبات الساخنة؛ حتى أطلق المصريون مؤخرًا نكتة تقول: إنك كشاب قد تجذب قيمة راتبك مكتوبة على سلعة أو حذاء في متاجر "البرندات" التي تضحك بها الماركات العالمية على الأغنياء.

من أين تأتي الأموال؟

إذا بحثت عن المبذِّرين للأموال، ستجدهم عدّة فئات:

1- فئة اللصوص: هؤلاء الذين سرقوا واختلسوا ونصبوا على المصريين، ولأنهم لم يتعبوا في هذه الأموال ينفقونها بشراهة.

هؤلاء تجد منهم من يرقصون في النهار ويبدّدون الأموال على المطربين والراقصات، ثم يتسابقون مساءً بسيارات فارهة، وقد يدهسون بعض الفقراء في طريقهم دون اكتراث، مثلما حدث في أكثر من حادثة مع أبناء كبار رجال الأعمال في مصر.

2- فئة التوافه: هؤلاء هم دُمى الترفيه التي تصدّرت المشهد الاجتماعي، من لاعبي كرة القدم، والفنانين.

هؤلاء قد يتلقّى بعضهم جائزة من معجب عبارة عن عقار بملايين، أو سيارة أحدث موديل، وهو لم يتعب من أجل الحصول عليها، وإنما كسبها دون تعب.

أو يكون منهم راقصة قدّمت فقرة لأقل من نصف ساعة، فانهالت عليها الملايين كنقطة من أصحاب الفئة الأولى. أو فنان أمضى أسبوعًا أو شهرًا في تصوير فيلم أو مسلسل، وتقاضى أجره عليه وهو عشرات الملايين، أو تلقى هذا المبلغ نظير إعلان لم يتجاوز عدة ثواني.

3- فئة الخارجين من القاع: هذه الفئة هي عبارة عن أشخاص اقتدوا بمن في الفئتين الأولى والثانية؛ حتى أصبحوا يرافقونهم في أماكن تواجدهم ويقلّدونهم في مظاهر إنفاقهم.

من هؤلاء مطربي المهرجانات، الذين هم عبارة عن أشخاص خرجوا من العشوائيات واستعانوا ببرامج التسجيل الصوتي المجانية والألحان الإلكترونية وسجّلوا أصواتهم النشاذ بتقنية الأوتوتيون، واستغلّوا أن الشباب يرقصون ولا يسمعون كلمات الأغاني، فكسبوا من وراء ذلك ملايين، وخصوصًا أن بعض الدول الإقليمية أصبحت راعية لهم لنشر ثقافة الانحلال الأخلاقي والخلل اللغوي، حيث يحملون الكلمات إيحاءات ومعاني لا أصل لها، فتفسد اللغة عند الشباب.

ومن هؤلاء أيضًا موظّفو الهواء، أو العاملون في السراب، وهم من يطلقون على  أنفسهم: يوتيوبرز وأنفلونسرز وبلوجرز، وغيرها من المسمّيات، وهم أشخاص يكتبون أو يرقصون أو يصوّرون حياتهم اليومية أو يتسوّلون عبر منصات التواصل الاجتماعي، ونتيجة الجهل المفرط والإقبال الجماهيري عليهم تكافئهم هذه المنصات بآلاف الدولارات شهريًّا أو أسبوعيًّا.

عواقب الميزان المختل

إذا أردنا التفكير كأي شاب يجتهد ويتعب في عمله دون تحقيق مكسب يكفيه حوائجه وحوائج أهل بيته، لوجدنا أن الشباب لا بد أن يفكر في طريقة من الثلاث لجمع المال: إما السرقة والنصب، أو الانخراط في الترفيه، أو أن يلحق بالخارجين من القاع.

هذا الاختلال الواضح في الميزان الاجتماعي، يدفع الشباب لترك وظائفهم والبحث عن المال بصورة غير شرعية، ما يهدد سلامة واستقرار المجتمع.

كما أن الشباب الذي لا يستطيع أن يفعل ذلك يتولّد لديه حقد داخلي، يترجم في العديد من الصور: يقوم البعض بالقتل أو الاغتصاب أو التعدي على بعض الأشخاص من الفئات الثلاث المذكورة، ومن ذلك ما حدث في حوادث "أوبر" المتكررة، التي دائمًا ما تتكرّر تجاه بنات الطبقة الغنية، وليس تجاه باقي الطبقات.

ومن صور ذلك: أن يعمد عامل "ديلفري" أو عامل في مطعم إلى البصق أو تلويث الطعام الذي يعدّه أو يوصّله لهذه الفئات؛ لأنه يراهم يطلبون طعامًا في وجبة عشاء تعادل أو تجاوز راتبه في شهر كامل، وهو مظهر من مظاهر الحقد الطبقي.

ومن ذلك الكثير والكثير، وإنما أردت فقط أن أشير إلى بعض المظاهر التي عندما يقرؤها الشباب والمتابعون للحوادث المتكررة من حولهم ستتضح الصورة لهم.

وكل هذا نتيجة الميزان المختل في ربط الأجر بالجهد، فكما قال أبو السعود الإبياري على لسان إسماعيل ياسين: "في ناس بتكسب ولا تتعبشي.. وناس بتتعب ولا تكسبشي"..

الانقسام المجتمعي

أخطر شيء يواجه مجتمعنا الآن هو الانقساط الطبقي الحاد، فالظروف الاقتصادية وتراجع سعر العملة وزيادة التضخم وغيرها جعلت الطبقة المتوسطة تتلاشى تقريبًا، وأصبح هناك إما فقراء أو أغنياء.

وإذا وضعنا ذلك جنبًا إلى جنب، مع الفجوة التعليمية الهائلة التي حدثت نتيجة إلحاق أبناء الطبقات الغنية بمدارس وجامعات خاصة متعددة المشارب والأغراض والمناهج والولاءات، فإننا أصبحنا أمام مجتمعين على أرض واحدة.

مجتمع ما زال يحافظ على كونه "شعب مصر"، ومجتمع أصبح يروّج لنفسه بمصطلح "شعب إيجيب"، المجتمع الأول: هم المصريون العاديون الذين يعرقون يوميًّا من أجل كسب لُقمة عيش لهم ولأولادهم، والمجتمع الثاني هم المجتمع الذي يأكل بملاعق من ذهب ويغسل وجهه بصابون مطعم بالذهب، مثل الفنان السفيه الذي استعرض على جمهوره أن كل مقتنياته من الذهب سواء كانت ملاعق أو هواتف أو قفّازات أو حتى صابون الوجه.

حتى في الحفلات التي وصلت أسعارها لمبالغ فلكية، أو مباريات كرة القدم، أصبح العامة يجلسون فوق بعضهم البعض، وأهل "إيجبت" يجلسون في أكواخ زجاجية مكيّفة فيها جميع المأكولات والمشروبات؛ حتى وصل هذا الوضع إلى الحج، وانتشرت عنه فيديوهات هذا العام.

بل إن بعض اليوتيوبرز أصبح شغلهم الشاغل عرض فيديوهات تبيّن الفرق بين كونك تعيش في "مصر" أو تعيش في "إيجيبت"، ترسيخًا لفكرة الانقسام المجتمعي.

إذًا نحن أمام كارثة اجتماعية، عرضتها من واقع التجربة المصرية، لكنها منتشرة في جميع البلدان الإسلامية.

اعلموا أن الانقسام المجتمعي هو أخطر ما يواجه المجتمع، وما سياسة وضع مساكن الأغنياء ضمن "كمبوندات" ذات أسوار إلا لعزلهم عن باقي المجتمع تحسّبًا لما قد يحدث إذا حدثت ثورة جياع أو ثورة فقراء تجاه الأغنياء الذين يعيشون حياتهم ببذخ أمامهم دون مراعاة لمشاعرهم.

كما أن الفن بعد أن رسَّخ لصورة البلطجة والعشوائيات وأفسد أخلاق من فيها، بدأ يركّز في أغلب الأعمال الدرامية على إظهار حياة الأغنياء فقط، فالبطل يكون مديونًا أو يفكّر في الاختلاس، وهو يعيش في فيلا تتجاوز قيمتها العشرة ملايين، ويقود سيارة بعدة ملايين، وأولاده في مدارس بعشرات الآلاف.

هذا الفن يعمل على تعميق الانقسام المجتمعي، وشحن الفقراء تجاه الأغنياء.

كما أن إعلانات مطالبة الناس بالتبرعات في رمضان بشعار "اتبرّع ولو بجنيه"، يعقبها إعلانات لفيلل بعشرات الملايين، وهذا استفزاز واضح للمشاهدين، وشحن للفقراء تجاه الأغنياء.

هذا الميزان إذا لم يعتدل، وإذا لم يربط الأجر والمكسب بطبيعة العمل والجهد الذي يبذل فيه، سيعاني المجتمع من عواقب صعبة، أتمنى ألا تحدث.

لكن دورنا فقط ليس عرض المرض والتحذير من عواقبه فحسب، وإنما علينا عرض الحل.. وإليكم الحل.

كيف نعدل الميزان؟

إذا أردنا عدل هذا الميزان الاجتماعي، فلابد أن يتحرك الجميع كما يلي:

1- مسؤوليات الدولة: على الدولة أن تقوم بإعادة هيكلة للأجور تتناسب مع قيمة الجهد المبذول، وتحقق العدالة الاجتماعية، فالعالِم الذي يكافح في معدلات الحرارة غير المسبوقة لابد أن يكون أجره أكبر من الجالس في المكتب يقلّب الأوراق تحت هواء المكيّف.

كما لابد أن تشدّد الدولة على القطاع الخاص بفعل المثل وأن يراعي حقوق العمال الإنسانية والاجتماعية، وأن يزيد من رواتبهم بصورة تتناسب مع التضخّم وتراجع العُملة؛ حتى يعيشوا حياة كريمة، وإن كان هذا سيقلّل من صافي ربح رجال الأعمال قليلًا.

كما لابد أن تهتم الدولة بالعلماء والباحثين، وتزيد من الأموال المخصّصة لهم سواء رواتب أو مخصّصات لإجراء الأبحاث، وكذلك المعلّمين؛ حتى لا يضطرون إلى الدروس الخصوصية ويركّزون في تعليم الأطفال في المدارس.

وعلى الدولة أن تدرك أن سبب كل المظاهر الفاسدة التي نراها في المجتمع ترجع في الأساس إلى اختلال الميزان الاجتماعي، فالمدرِّس لو كان يجد ما يكفيه ما ذهب للدروس الخصوصية، والمزارع لو كان يكسب مثل التجّار ما أهمل في زراعته، والعامل لو كان يعيش عيشة كريمة ما أفسد المصنوعات وتهاون فيها.

وكذلك لابد أن تتوقف الدولة عن تكريم الفنانين ولاعبي كرة القدم بصورة مبالغ فيها، فلماذا تسمي شوارع وميادين بأسمائهم؟ وعلى أي أساس تعالجهم على نفقة الدولة وهم أصحاب ملايين؟ ولماذا نجدهم حاضرين في أي لقاء رسمي وغيرهم من قادة الفكر والرأي غائبين؟

مسئولية دينية

2- مسؤوليات رجال الدين: على رجال الدين أن يستعيدوا دورهم، ويخرجوا من صوامعهم المغلقة، وأن يظهروا للناس وجه الدين الحقيقي، ويحاربوا كل مظاهر الفساد الاجتماعي؛ لأن هذا هو دورهم.

عليهم أن يخبروا الناس بأهمية العمل وقيمته ومكانة العامل عند الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وعليهم أن يوجّهوا الناس تجاه الصالح، ويعلّموهم كيف يميّزون بين الغثّ والثمين.

كما عليهم أن يحثّوا أصحاب الأموال على وقف التبذير، وعلى مساعدة المحتاجين، وأن يضعوا خطة دعوية شاملة لتصحيح المسارات الخاطئة التي يسير فيها المجتمع.

3- مسؤوليات الإعلام والفن: بحكم أن الثقافة الحالية في عصرنا هي ثقافة سمعبصرية، فالإعلان والفن عليهما دور كبير في معالجة أي أزمة اجتماعية.

لابد أن يركّز الإعلام على قيمة العلم والعمل، وأن يكف عن استضافة التوافه واللاهين وتصديرهم قدوة للمجتمع، والاهتمام بالعلماء والمعلمين وكذلك الشباب المكافح، وتصديره باعتباره قدوة تستحق التقدير والاحترام؛ لرفع قيمة العمل بين أبناء المجتمع.

وكذلك لابد من توقّف منتجي الأعمال الدرامية على تصوير البيت المصري العادي بأنه فيلا في كمبوند، وتصوير بيوت المصريين على واقعها؛ حتى لا يرفع ما يفعلونه من سقف طموحات الشباب، فيتركون أعمالهم بحثًا عن اللهو والسرقة من أجل توفير المال اللازم للعيش في هذه المستويات.

المسئولية المجتمعية

4- مسؤوليات المجتمع: على المجتمع ككل أن يتكاتف ويقاطع أعمال اللاهين ويتوقّف عن دعمهم سواء بالمال مثل تذاكر السينما أو الاشتراك في المنصّات الدرامية أو حفلات المطربين، أو بالتشجيع مثل تشجيع الأندية أو التهافت غير المبرّر على الفنانين واللاعبين في الشوارع، وأن يعيدوهم لمكانتهم الصحيحة في المجتمع، باعتبارهم دُمى ترفيهية ليست أكثر ولا أقلّ، يذهب إليها الشخص بعد أن يؤدّي عمله ويؤدّي حقّ الله وحقّ أسرته عليه، فإذا كان لديه وقت تابعهم دون دعم أو تشجيع، على أن يتابع ما يقدّمونه إذا كان هادفًا فقط ولا يُعارض الثوابت الدينية والقيمية.

كما على الآباء أن يراقبوا أولادهم وأن يمنعوهم من تصوير فيديوهات ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي بهدف الربح؛ لأن من يبدأ بفيديوهات تثقيفية قد ينتهي الأمر به بفيديوهات عُري؛ لأنه إذا دخل الدائرة ووجد من ورائها مكسبًا فإنه سيتمادى وسيحاول تقديم الأشياء التي تكسبه أكثر، ولكم في قصص الفتيات اللاتي تمّ القبض عليهن في السنتين الماضيتين عبرة وعظة، وارجعوا إلى شهادات آبائهن وأمهاتهن لتعرّفوا كيف بدأن وكيف انتهى بهن الأمر؟!!

مسئولية آل العزائم

5- مسؤولية آل العزائم: لأننا نحاول تغيير واقع اجتماعي فاسد، فلابد أن يكون هناك بذرة أو نواة أو بلّلورة أو نمرقة تبدأ هذا التغيير.

آل العزائم هم الجماعة الصالحة التي أسّسها الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم واستمر في رعايتها خلفاؤه من بعده؛ لأنهم أسّسوا وتربّوا على منهج خاتم الورّاث المحمّديين، وهم أول من يتلّقى توجيهات أئمة الوقت، فلابد أن تكون البداية من عندهم.

إذا كان أحدكم صاحب عمل، فيعطي الأجر الأكبر لصاحب الجهد الأكبر، وأن يعطي عمّاله ما يكفيهم لعيش حياة كريمة، حتى وإن كان ذلك سيقلّل من أرباحه قليلاً، فخير يعم به صاحبه يبارك الله فيه، أفضل من خير يضنّ به صاحبه على نفسه فينزع الله عنه البركة.

علّموا أولادكم وأحفادكم أن قيمة الإنسان تتحدّد بقيمته في المجتمع، وأن قيمته في المجتمع تتحدّد بدوره وعمله فيه، وأنه كلّما كان له دور في مجتمعه فإن الله سيبارك له، وأخبروهم أن الزراعة دور اجتماعي عظيم وكذلك الصناعة والتدريس والبحث العلمي، وأن الفن غير الهادف وتشجيع كرة القدم وصناعة المحتوى على المنصّات الإلكترونية ليس بعمل ولا بدور اجتماعي، إنما هو لهو وأمواله لا يبارك الله فيها.

صدروا إمام أهل البيت في وقته كقدوة للمجتمع وانشروا أفكاره وتوجيهاته، وكونوا أنتم قدوة لغيركم باقتدائكم بإمامكم، لا تطالبوا الناس بأشياء إلا بعد أن تفعلوها، واجلعوا دعوتكم بالفعل لا القول؛ حتى يجمع الله عليكم الناس، وينصلح حال مجتمعكم.

أسأل الله أن يحفظ أمّتنا من كل سوء، وأن يعدل موازينها المختلّة برجال يسيرون بنور المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم فينيرون ظلمات الفساد، ويرفعون المظالم عن العباد.

وصلى الله على سيدنا ومولانا رسول الله وعلى آله وسلم.

0 تعليقات

إرسال تعليق

Post a Comment (0)

أحدث أقدم