أغرب دعاوى الطلاق والنشوز والخلع.. في محاكم الأسرة!

أصوات "الشخير" تغلب "الغزل".. و"العضاضة" تنافس القطط والكلاب!

الخبراء: الوعي العائلي.. الضمان الحقيقي لعلاقة أسرية ناجحة

مطلوب.. استراتيجية وطنية لحماية الأسرة

كتب- مصطفى ياسين:

تحفل ملفات و"رولات" محاكم الأسرة بالعديد من دعاوى الطلاق والنشوز والخلع لأسباب غريبة قد تصل إلى درجة الشاذة والعجيبة بل الطريفة ومن المبكيات المضحكات!

وأمثلة ذلك:

*النشوز لأنها تعض العيال خلال المذاكرة لهم!

• لأنه بـ"يشخر"!

• تعشق القطط وتنام معها!

التقديس والتفريط

يصف المستشار أيمن عبدالغني، نائب رئيس هيئة قضايا الدولة، منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الاخبارية المختلفة بأنها صارت مسرحا للعديد من المنازعات الزوجية التي تتصادم مع مكانة وقدسية الزواج، وتعلن عن ردة إنسانية تهدد سلامة المجتمع، وتعبر عن ضعف في البناء الأخلاقي والثقافي لشخصية الزوج أو الزوجة، فغالبية تلك المنازعات تستند لمبررات لا تنسجم مع المنطق أو الفطرة السليمة، لأنه من غير المنطقي أن الزوجة تطلب الطلاق لأن الزوج يصدر صوتا أثناء نومه أو لأنه لا يذهب لمركز اللياقة البدنية أو يطلق الزوج زوجته لأنها تحب تربية القطط أو الكلاب أو أنها تعض الأولاد، كما أنه ليس منطقيا أن الزوج يطلب القضاء بنشوز زوجته لأنها تقضي وقتا طويلا أمام الهاتف الخلوي أو تطلب الزوجة الخلع لأن الزوج لا يحسن قول كلمات غزل تشعرها بأنوثتها، وإن كنا لا نهمل أهمية ذلك للحفاظ على العلاقة العاطفية بين الزوجين. ولكن ما نود التنبيه عليه أن الارتقاء بمكونات الوعي العائلي هو الضمان الحقيقي لاستمرار علاقة زوجية أساسها التكامل والانسجام والتناغم في كل ملامحها، على نحو يشعر معه كل طرف بسعادته بذاته وصفاته وقناعاته، دون إحباط أو انكسار بسبب التباعد والتنافس والأنانية، فضعف الوعي العائلي يجعل كل طرف من طرفي العلاقة زاهدا في الأخر متربصا به ومتصيدا له الأخطاء مترقبا الفرصة للتفريط فيه بإنهاء تلك العلاقة المقدسة.

يضيف "عبدالغني": ومما لا شك فيه أن الاستهانة بعلاقة الزواج على هذا النحو يهدد بقاء المجتمع، وهو ما يوجب على كافة مؤسسات الدولة الثقافية والدينية والفنية والقضائية والتشريعية مكافحة تلك الظاهرة الخطيرة بكل حزم، فالطلاق وإن كان شرع لاستحالة العشرة أو لسبب يؤدي إلى الضرر المحدق بأحد الطرفين فإنه في حكم المكروه إذا كان لغير حاجة.

لذا يجب أن يكون لدينا استراتيجية وطنية لحماية الأسرة من خلال توفير التأهيل اللازم الذي يضمن قدرة طرفي العلاقة الزوجية على بناء أسرة جديدة، والتأهيل لا يقصد به توافر الإمكانات المادية فحسب بل يجب بناء الشخصية القادرة على ذلك ذهنيا وثقافيا ونفسيا. لذا نطالب بأن يكون بناء الأسرة قائما على قواعد أساسية تضمن عدم الاستهانة بتلك لعلاقة المقدسةؤ ويمكن تحقيق ذلك من خلال دليل استرشادي يلتزم طرفا العلاقة بالاطلاع عليه قبل الزواج ويتم إثبات ذلك بعقد الزواج من جانب القائم على توثيقه، كما يمكن الاستعانة في تقييم مدى توافر الأهلية النفسية والذهنية للزواج من خلال لجنة متخصصة تقوم على ذلك، ويكون ما توصي به اللجنة محل اعتبار عند تحرير عقد الزواج وتوثيقه.

نسيان الفضل

ويقول المستشار عبدالعزيز مكي، وكيل أول وزارة بالجهاز المركزي للمحاسبات، مستشار أول لوزير التربية والتعليم سابقا، يوقن الجميع ويؤمن بأن الزواج حصن واق مشروع وضرورة ليس عنها غنى ولا بديل لائق للمودة والرحمة واستقامة الفطرة، يهدف لحفظ النوع وانفراج للمعاناة، متى كان متكافئا ينهض منذ البدء على أسس متينة لا تخالف دِيِنا ولا عرفا، ومن غير مغالاة في تكاليف أو مهور أو استعراض بمظاهرٍ ما أنزل الله بها من سلطان تثير النفور تضر كثيرا ولا تنفع، وقد يتخلف عنها دَين واقتراض يَنزَع ويكدر الصفو وتبين عواقبها الوخيمة في المستقبل، تؤلم الكل بضغوط وقنوط في الحياة وأشواك تفضي إلى خلافات ومنازعات قد تدفع للسير في الممنوع شطر الطلاق وتقطيع أوصال الوئام والسلام، وأحيانا الادعاء بالباطل والتلفيق ودهس الأبرياء من الأبناء بغير ذنب، وخيانة الأمانة الغالية في لدد الخصومة المتدنية للدرك الأسفل وعنف العداء وظلمة الطريق. ومن يفهم ويستوعب وأدرك يندم ثم  يندم. ولكن بعد فوات الأوان!

يضيف "مكى": وأتفهم أن الذي أحل الزواج، أحل الطلاق. ولكن في أضيق نطاق وبمبررات قوية تستعصي على العلاج وتستحيل معها العشرة إن كان مردها يرجع لذوي الشأن أو الأغيار المتطفلين أصحاب الفضول العصي!

وذلك من بعد استنفاد كل أساليب الحل وأشرك الحكَم من أهلها ومن أهله من الثقات العدول أهل الحكم العادل والحلول وفتح الأبواب للتراضي وإنكار الأثرة والذات والتغاضي عن الماضي وتجديد الأُلفة وترشيد الكلفة وتحييد الوسطاء الأشرار بالكلية ومحو كل أسباب الخلاف الأول بدأب أو بالتدريج. تتغير بالحتمية النتائج ونتعلم الدرس المستفاد من كل الذي فات.

وأعجب كل العجب في أمور الطلاق شر البلية لأسباب واهية وحجج بالية وربما أرتاب في أسباب خفية غير تلك المعلنة للحضور بالإسم إن تكن مشروعة أو ممنوعة بالتلميح أو بالتصريح، مخافة التجريح أو المجاهرة بالإثم، أو بالشطط في السبب والسرف كحب طرف للقطط أو للكلب! أو حتى لأصناف الأكل والشرب خلاف ما يرغب طرف واختلاف الأذواق، فيقع الطلاق!

وإن يقع الطلاق لا محالة، فلابد أن تذهب السكرة ويتبدد الانفعال ويذهب الغضب وتجيئ الفكرة ويحكم العقل والعدل الآن وإلى ما شاء الله وقَدَر. وعدم نسيان الفضل واجب. والسكوت عن الذكر الفاضح الجائر للعيوب والسيئات، وإن لم يذكر كلاهما المناقب والحسنات أفضل. فكل إناء بما فيه ناضح. والمهم بل الأهم عدم الخوض في الكرامة والشرف ميراث الأبناء. فقد يكون لا يزال في غيب القدر بشائر رجوع وإن تأخر . وقد لا يكون. فما عيب الفضيلة والإحسان سيما إن خَلَف الزواج الذي كان، أولادا. نحرص عليهم بأن يكونوا أسوياء رحماء. 

يختتم "مكى" قائلا: في النهاية يجب أن نحرص كلنا ومنذ أن يهب لنا الوهاب إناثا أو ذكرانا أو يزوجنا هذا وذاك، ومنذ نعومة أظفارهم، وقشرية وبراءة أفكارهم، أن نُعِدَهم منذ بواكير الصبا، كيف للبنت الأنثى أن تحترم الرجل متمثلا في أبيها وأخيها وتحفظ له قدره وترعى خصوصيته وسره وتلتمس له عذره بغير اعوجاج. وما زوج المستقبل إلا من هذا الصنف وذات الجنس. وكيف للولد الذكر أن يقدر للبنت عطاءها وحسن خلقها وشمائلها وقدسيتها وحصانتها متمثلة بأيهما في أمه وأخته. أمين يَصدُق. وما زوجة المستقبل إلا من ذات الجنس من الإنس، لا من الجن. لحين أن يطرق الزواج بابهما فيكتمل مسار التطبيق في حصاد الثمار الكريمة للتربية القويمة والأصل العريق المديد السد المنيع من الأساس. وليس اللهاث وراء التقليد الأعمى في اللباس وفي الكلام وفي التقاليع الجوفاء لا في مواضع الجد لمن ليسوا منا ولسنا منهم.

الطلاق والخلع الكوميدي

يشير د. هشام عبدالسيد الصافي، المحامى، إلى أنه انتشر في مجتمعاتنا إساءة استخدام حق الطلاق والخلع دونما سبب حقيقي يدعو لاستخدامه، في شكل من أشكال التعسف في استخدام الحق المعاقب عليه قانونا وشرعا؛ وهناك بعض حالات الطلاق والخلع التي ينطبق عليها القول المأثور "شر البلية ما يضحك"، ففي قضية خلع زوجة أقامت دعواها ضد زوجها لتنمره على مقاس قدمها والذي مقاسه 45 قائلا لها "دي رجلها شبه شحاتة أبو كف ومقاسها 45"؛ وفي دعوى خلع أخري كان سببها أن الزوج استخرج (طبق من النيش) دون رغبة الزوجة التي ثارت ولطمت وجه الزوج بسبب ذلك! فما كان من الزوج إلا أنه حطم النيش، فطلبت الخلع وأقامت دعوى تبديد منقولات الزوجية!

وأخرى طلبت الخلع من زوجها لبخله ورفضه شراء شنطة يد لها ثمنها 16 ألف جنيه! وزوج لجأ للمحكمة للحصول على حكم بتطليق الزوجة للضرر لكون سلوكها عنيف معه وتقوم بضربه كل يوم قائلة له: "هي ده طريقتي لو كان عاجبك ولو متعدلتش هكسر عضمك"! وزوجة طلبت الطلاق لكون زوجها عنده مشكلة في نظافته الشخصية فهو لا يستحم! وأنها لما يأست منه أهدته في عيد ميلاده ليفة وصابونة! وأخرى طلبت الطلاق من زوجها بسند أنه خدعها فهو أصلع وكان يرتدي باروكة خلال فترة الخطوبة ولما تزوجته فوجئت بأنه أصلع! وعلى نفس النسق نجد زوجا طلق زوجته فور الدخول لكونها خدعته، فطوال فترة الخطوبة كانت ترتدي عدسات لاصقة لونها أخضر إلا أنه فوجيء بها بعد الزواج أن عينيها سوداوتين وهو تزوجها لعيناه الخضراوتين من أجل تحسين النسل! وأخرى عندها 75 عاما تطلب الخلع من زوجها حتى تحصل على معاش والدها! وأخرى تطلب الطلاق لكونها تشك في سلوك زوجها بأنه يخونها فقامت بإلباسه الفانلة الداخلية بالمقلوب ولما عاد وهو يخلع ملابسه وجدت الفانلة الداخلية معدولة مما يؤكد خيانته لها! وأخرى طلبت الطلاق للضرر لأنها اكتشفت أن زوجها متزوج عليها وهما يؤديان شعيرة العمرة عندما طلبت منه أن يقسم أمام الكعبة الشريفة أنه لم يتزوج عليها فأقر لها بزواجه بأخرى!

ومن هذه الحكايات يتضح أن الحق في الطلاق والخلع أصبح كـ"اللعبة"، فمفهوم تكوين الأسرة بين الطرفين ناقص بل مبتور وهو ما يدمر المجتمع نفسيا ويفتح الباب أمام الرذيلة وينشئ أطفالا غير أسوياء.

0 تعليقات

إرسال تعليق

Post a Comment (0)

أحدث أقدم