د. القصبي: الالتزام لضمان التنظيم وعدم التعارض
الجازولي: يمنع الدخلاء والأدعياء والمتطفلين
أبو العزائم: المسئولية مشتركة مع الأجهزة المحلية
د. الدسوقي: واجبنا إعمار الإنسان معنويا وبنائه روحيا وأخلاقيا
كتب- مصطفى ياسين
تتفرد مصر عن سائر الدول العربية والإسلامية بوجود "المشيخة العامة للطرق الصوفية"، المسئولة عن ضبط وتنظيم العمل والإشراف على حركة ٧٠ طريقة صوفية، أعضاء في الجمعية العمومية، فضلاً عن أضعاف هذا العدد من طرق صوفية أو بيوت ومقار خدمات لأضرحة ومقامات لبعض آل البيت والصحابة والتابعين والصالحين، غير الأعضاء بتلمشيخة، لكنها تخضع لقرارات المشيخة العامة للطرق الصوفية، معنويا وأدبيا.
فالدول العربية أو الإسلامية التي توجد بها طرق صوفية، تكتفى بإسناد هذا الجانب لوزارة الأوقاف والشؤون الدينية. بل إن مشيخة الطرق الصوفية كان لها في السابق مكانة ومنزلة رسمية رفيعة، حيث كان الخديوى لا ينصب رسميا إلا بعد مباركته من قبل شيخ الأزهر الشريف وشيخ مشايخ الطرق الصوفية.
وإذا كان الدور والنشاط الأبرز لهذه الطرق والمناهج الصوفية هو الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والقدوة الطيبة، بعيدا عن الغلو والتطرف، أو الدجل والشعوذة، أو الانفلات والتسيب، فإن هناك بعض الدخلاء والأدعياء الذين يتسترون بـ"عباءة" التصوف ويرتكبون ما ينافيه! ويأتون ما ليس منه!
وللأسف الشديد يتخذهم الجهال والمتربصون حجة على التصوف النقي!
وانطلاقا من دور ومسئولية المشيخة العامة للطرق الصوفية في ضبط إيقاع وتنظيم إقامة الموالد والاحتفالات الصوفية، وتنقيتها من الدخلاء والأدعياء الذين يشوهون صورة التصوف الحقيقي، أعلنت المشيخة العامة للطرق الصوفية، برئاسة د. عبدالهادي القصبي– شيخ مشايخ الطرق الصوفية– المواعيد الرسمية للموالد والاحتفالات الصوفية خلال عام 2025 التى تم اعتمادها رسميًا من قِبل المشيخة، وهي المعتمدة والموثقة بجداول رسمية محددة الوقت والمكان.
وأهابت المشيخة بالجميع عدم الالتفات إلى أي مواعيد أخرى غير تلك التي تصدر عن المشيخة العامة للطرق الصوفية، وذلك لضمان التنظيم وعدم التعارض بين الفعاليات.
الميلاد أو الانتقال
خاصة وأن الاحتفالات والموالد الصوفية تتجاوز المائتين في العام، وهي إما لإحياء ذكرى الميلاد أو الانتقال "الوفاة" لأحد الأولياء والصالحين، لاستذكار واستحضار سيرته الذاتية. وتستمر في أغلبها لمدة أسبوع.
وهذه الاحتفالات والموالد الصوفية تشهد ازدحاما كبيراً نظراً لتوافد المحتفلين من مختلف أنحاء العالم وليس مصر فقط، وهؤلاء المحتفلون متنوعو ومختلفو الأهواء والمشارب، أغلبهم أصحاب حلقات الذكر والمديح والدروس والخطب والمواعظ الدينية والمدائح النبوية، ومنهم قاصدو التضرع والتبرك أو الوفاء بالنذور التي قطعوها على أنفسهم طلبا لرغباتهم وأمنياتهم الدنيوية والأخروية.
كما أن هناك فئات تقصد المكاسب الدنيوية من إقامة الأسواق لبيع السلع والخدمات خاصةً ألعاب الأطفال. وتندس وسطهم فئات منحرفة أخلاقيا وسلوكيا، ترتكب الموبقات والشبهات، فتكون هي الذريعة والمدخل لتوجيه الاتهامات والمسالب، فيلصقها المبغضون بالتصوف وأهله!
الموالد.. أنواع
وتنقسم الموالد إلى عامة وهي التي تشترك فيها غالبية أو كل الطرق الصوفية، بأبنائها ومريديها وأحبابها بحضور مشايخها، مثل المولد النبوي الشريف، الذي يحتفل به في شهر ربيع الأول، وهناك من يكرر الاحتفال به أيضا في شهر أبريل وهو الموافق للشهر العربي يوم مولده صلى الله عليه وسلم. بل هناك من يزيد في المحبة لسيدنا النبي ويحتفل بيوم حمله.
وهناك أيضا موالد آل البيت وعلى رأسها سيدنا الحسين، سبط النبي، وهو ثاني أكبر مولد يحتفل به بعد المولد النبوي الشريف، ويحتفل به مرتين في العام، الأولى بمناسبة ميلاده الموافق 3 شعبان عام 4 للهجرة، والثانية في الأسبوع الأخير من ربيع الثاني، وهو تاريخ وصول رأسه الشريفة إلى القاهرة، حيث أنّ رأس الإمام الحسين مدفون في مسجده الحالي، بعد أن جاء به "الصالح طلائع" عام 548 هجرية من عسقلان في فلسطين.
وكذا موالد السيدة زينب، السيد علي زين العابدين، والسيدة نفيسة والسيدة عائشة والسيدة رقية والسيدة فاطمة النبوية، رضي الله عنهم أجمعين، فضلاً عن أن تلك الاحتفالات تستمر لمدة أسبوع. ولها أماكن "خدمة" منتشرة بجوار تلك المقامات والأضرحة، تستقبل المحتفلين وتقدم لهم المأكولات والمشروبات وتنظم حفلات المدائح النبوية والقصائد والمواجيد في حب النبي وآل بيته والأولياء أصحاب الكرامات.
وهناك احتفالات أخرى لبعض الطرق الصوفية، مثل موالد السيدة فاطمة الزهراء، الإمام علي بن ابي طالب، السيدة آمنة بنت وهب والدة سيدنا النبي.
خاصة- عامة
وهناك موالد خاصة- عامة، وهي التي تكون خاصة بطريقة صوفية معينة لكن تشاركها الطرق الأخرى، تبعاً لعراقة وتاريخ صاحب الذكرى المحتفى به، وهذه صفة غالبة في معظم الطرق الصوفية، نظراً لارتباطها جميعا بأقطاب الصوفية، فكل الطرق الصوفية مستمدة أو منبثقة منها، وهى: القادرية أو الجيلانية، نسبة لسيدى عبدالقادر الجيلاني، الشاذلية نسبة لسيدى أبو الحسن الشاذلي، البدوية أو الأحمدية أو السطوحية نسبة لسيدى أحمد البدوى، الدسوقية أو البرهامية نسبة لسيدى إبراهيم الدسوقي، وكذا الرفاعية نسبة لسيدى أحمد الرفاعي.
فكل الطرق الصوفية نجدها متصلة النسب بإحدى هذه الطرق الصوفية الرئيسية: القادرية، الدسوقية، الشاذلية، الرفاعية، الأحمدية البدوية أو تعرف أيضا بـ"السطوحية".
موالد خاصة
وكذلك هناك موالد خاصة بكل طريقة منفردة بشيخها ومؤسسها، وهي تنتشر في كل ربوع المحروسة، من أقصى الجنوب في مدينة مرسى علم بالبحر الأحمر وتحديداً صحراء عيذاب وجبل حميثرة لإحياء ذكرى انتقال الشيخ الشاذلي أبو الحسن، وكان مسئولو الأوقاف ومجلس مدينة مرسى علم، قد تلقوا إخطارًا من المجلس الأعلى للطرق الصوفية بتغيير موعد الاحتفال إلى يوم الجمعة الأخيرة من شهر شوال سنويًا، بدلاً من العشر الأوائل من شهر ذى الحجة، وأن الموعد الجديد هو تاريخ وفاته رضى الله عنه.
وكانت الطرق الصوفية والمريدون والزوار قد اعتادوا الاحتفال بذكرى مولد الشيخ الشاذلى يوم وقفة عرفات، طوال ٧٠٠ عام، ما بين الأول إلى العاشر من شهر ذى الحجة سنويًا، وتنظيم الليلة الختامية يوم وقفة عرفات.
وأجمع المؤرخون والعلماء والباحثون على أن الإمام أبوالحسن الشاذلى وهو فى طريقه إلى أداء فريضة الحج ثقل عليه المرض فى وادى حميثرة من صحراء عيذاب، حيث لقى ربه فى نهاية شوال عام 656ه.
ونتيجة لتزامن ذلك الاحتفال مع وفود الحجيج ووقفة عرفة، انتشرت مفاهيم خاطئة لدى بعض العامة والبسطاء بأن "زيارة مقام وضريح الشاذلي تعدل الحج أو العمرة!".
وهناك مولد أبو الحجاج الأقصرى، بمركز ومدينة الأقصر، عبدالرحيم القنائى بقنا، العارف بالله في سوهاج، الفرغل وجلال السيوطي بأسيوط.
وفي أقصى الشمال حيث أبو العباس المرسي بالإسكندرية، مرورا بالسيد البدوي بطنطا، والدسوقي بكفر الشيخ، والرفاعي بالقاهرة. وفي كل هذه الاحتفالات تشترك الطرق الصوفية مع بعضها، حبا واتباعا، مجاملة وإكبارا.
ضبط وتنظيم
من جانبه، أشاد السيد سالم جابر الجازولي، شيخ الطريقة الجازولية، عضو المجلس الأعلى للطرق الصوفية، بقرار تنظيم وضبط مواعيد الموالد والاحتفالات، مؤكداً أنه يضع حدا للتضارب في المواعيد، والأهم أنه يمنع الدخلاء والأدعياء والمتطفلين من إقامة موالد بعيدا عن أعين الرقابة والانضباط، وما يرتكب فيها من معاصى ومخالفات شرعية وأخلاقية ومالية، وتصرفات تسيئ للتصوف والصوفية.
تابع: كلنا كمشايخ وأتباع ومريدين نلتزم بالسلوك القويم المعبر عن الصوفية الحقة، باعتبارنا قدوة لغيرنا، وتجسيدا لما تربينا عليه من أخلاق، وننقل هذا لأبنائنا بالتعلم والتربية وبالقدوة، ونسعى للتأثير في الآخرين بسلوكنا وأفعالنا وليس بالأقوال فحسب.
أوضح "الجازولي" أن الصوفية في مصر يتجاوز عددهم العشرين مليون نسمة، ما بين مريد ومحب، كلهم يلتزمون منهج الكتاب والسنة النبوية الشريفة، ولم يخرج من عباءة التصوف منخرف أو شاذ أو متطرف ولا إرهابي واحد، لكن الدخلاء والأدعياء والمتطفلين في كثير من الأحيان يكون صوتهم أعلى، فيتصور الناس أن ما يفعلونه هو التصوف، وهو أبعد ما يكون عن منهجه ومنبعه السمح الأصيل. ودور الأجهزة المعنية والمختصة مساعدتنا في تحقيق هذا الهدف الاجتماعي والإنساني السامي، خدمة لأمن واستقرار مجتمعاتنا وأوطاننا.
أساس النجاح
ويشير السيد علاء الدين ماضي أبو العزائم، شيخ الطريقة العزمية، عضو المجلس الأعلى للطرق الصوفية، رئيس الاتحاد العالمي للطرق الصوفية، إلى أن التنظيم والتنسيق مطلوب بل هو أساس أي عمل ناجح، وعلى الأقل لتعاون وتكامل الطرق الصوفية مع بعضها لإنجاح موالدها واحتفالاتها.
وفيما يتعلق بالضبط السلوكي والاخلاقي لحركة وفعاليات تلك الموالد، يؤكد "أبو العزائم"، أن مشايخ الطرق الصوفية يتحملون مسؤولية 50% فقط من التنظيم والتنسيق متمثلة في سلوك وتصرفات الأتباع والمريدين، وأي تصرف داخل السرادق.
أما النسبة الأخرى، وهي خارج السرادق والمنطقة المحيطة، فتتحملها الأجهزة المحلية فهي التي تعطي التصاريح والموافقات لأصحاب الحرف والمصالح المصاحبة للموالد، مثل الأسواق والمراجيح، وهذه هي التي تشهد المخالفات والبدع والشعوذة والمشاجرات.
أوضح أبو العزائم، أن جميع الطرق الصوفية تحرص على "لياقة" احتفالاتها بأصحاب الذكرى، بحيث تكون ملتزمة دينيا وأخلاقيا وسلوكيا، بمنهج الكتاب والسنة. مشيراً إلى أن معظم احتفالات العزمية تقام داخل مقر المشيخة العزمية، اتقاء وتجنبا لتطفل الدخلاء والمنحرفين.
الصوفي "إبن عصره"
ورحب د. جمال مختار الدسوقي، شيخ الطريقة الدسوقية المحمدية، بقرار التنظيم والتنسيق الذي أعلنته المشيخة العامة للطرق الصوفية، قائلاً: نؤكّد دائما وأبدا بأن الصوفى ليس منعزلا عن مجتمعه وإنما هو جزء لا يتجزَّأ، ينخرط فى المجتمع تأثيرا وتأثُّرا، فالصوفي "إبن عصره"، لذلك فنحن أكثر وأحرص الناس على الالتزام بالضوابط والأخلاقيات التي تنقي التصوف وتقدمه صحيحاً كما جاء به السلف الصالح مقتدين بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.
فالصوفية لا تنفصل عن الحياة ابداً، ينشرون صحيح الدين بسماحته واعتداله كما جاء به سيدنا رسول الله، لذلك فهم مصابيح الهداية والصلاح في كل زمان ومكان، وبسلوكهم وأخلاقهم المحمدية نشروا الإسلام في ربوع العالم، والقارة الأفريقية خير مثال على ذلك.
واصفاً احتفالاتهم وموالدهم بأنها أكثر التزاما وانضباطا، حيث تقام بقرية الكرام، مركز بدر بالبحيرة، حيث يوجد مقام وساحة مؤسس الطريقة، وهي القرية المنتجة التي قامت على نجاح "مشروع الكرام" ببركة والده الشيخ مختار علي محمد الدسوقي، رضي الله عنه، انطلاقا من الحديث الشريف:-(مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ، خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ)، مشيراً إلى أن الخير في أرض الله الواسعة في مصر الخير، فمن لا يملك قوته نظيفا خاليا من الملوثات لا يملك حريته كاملة، فإذا حسنت النوايا حسنت الخواتيم.
وفيما يتعلق بالالتزام السلوكي والاخلاقي، أكد د. جمال الدسوقي، أن الأخلاق هي عنوان صلاح الأمم والمجتمعات، تعكس ثقافة الأُمَّة ورُقِيَّها وحضارتها، فإذا شاعت في المجتمع الأخلاق الحسنة حفظت الحقوق وقويت أواصر المحبّة بين أفراد المجتمع، وبالمقابل إذا شاعت الأخلاق السيّئة ضاعت الحقوق وانتشرت القطيعة بين الأفراد واختلّ الأمن الروحي للمجتمع ككل، فالسمو الأخلاقي والاستعداد الروحي للإنسان لنيل مقامات الكمال والإحسان، ركنٌ مهم في حياة الفرد والمجتمع، فالأخلاق مقوِّم أساسٌ في الحضارة الإنسانية؛ وواجبنا استعادة القيم الأخلاقية، والمبادئ السامية التي ضاعت في خضم الأحداث المتسارِعة، وما يعرفه واقع المجتمعات من تحوّلات سلبية. فالرسول الكريم جعل الهدفَ الأعظمَ من رسالته إتمامَ مكارمِ الأخلاق، والإصلاح النفسي يعدّ الدعامةَ الأولى لتغليبِ الخير في هذه الحياة، والإنسان هو ذلك الكائن الأخلاقي الذي أعدّه الله سبحانه لقابلية الارتفاع بذاته إلى درجات الكمال البَشَري بمقتضى النفحة الإلهية التي استودعها الله.
إن التخلُّق بمكارم الأخلاق يمثّل خلاصة ما جاء به الشرع الإسلامي الذي اهتم ببناء الإنسان بناء متكاملا، مغ ضرورة إعمار الإنسان معنويا وبنائه روحيا وأخلاقيا. وهذا ما يحرص عليه كل صوفي حق.
مظاهر متوارثة
وقد عرفت مصر احتفالات الموالد منذ كانت امبراطورية فرعونية، تحتفل بميلاد إله أو فرعون أو كاهن أعظم، وتوارث المصريون هذا التقليد في الحقب الزمنية المختلفة، حتى وإن تغيرت الأنظمة السياسية الحاكمة، بل تحولت من مجرد احتفالات ارتبطت بنوع من الولاء السياسي لتصبح احتفالات ذات دلالات دينية، كما حدث مع دخول السيد المسيح عيسى بن مريم، عليهما السلام، إلى أرض مصر، ثم مع تعدد القديسين وتفرقهم في ربوع المحروسة.
وذات الشئ تكرر مع الفتح الإسلامي لمصر، واستقبال المصريين بالترحاب لمن جاء يخلصهم من ظلم واضطهاد الحكم البيزنطي ويعيد لهم حرية العبادة وممارسة الشعائر الدينية.
وأخذت الاحتفالات أشكالا متنوعة مثل الخروج إلى الحدود المصرية لاستقبال الضيف المحتفى به، كما حدث مع السيدة زينب رضي الله عنه، منفية من الشام عقب مأساة كربلاء في العراق واستشهاد سيدنا الحسين ومعظم أبناء آل البيت والصحابة المؤيدين للحسين بن علي، سبط النبي.
لكن بعد دخول الفاطميين قادمين من المغرب العربي، كثرت وانتشرت الصوفية بشكل كبير، ولم تقف الاحتفالات عند مجرد كونها مظاهر أو دلائل ورموز دينية بل تحولت إلى مظاهر وتقاليد اجتماعية توارثتها الأجيال، حتى مع اختلاف العقائد، لذلك نجد تشابها كبيراً بين الاحتفالات والموالد الإسلامية والمسيحية، بل أيضاً تتشابه مع بعض الاحتفالات الفرعونية، وأكثر الأمثلة على ذلك، مولد أبو الحجاج الأقصري، حيث الموكب الذي يبدأ من شط نهر النيل وينتهي بمسجده القائم أعلى معبد الأقصر، بارتفاع ١٠ أمتار!
ورغم بعض الفتاوى المتشددة بتحريم إحياء المولد النبوي الشريف واعتباره "بدعة"، وبالتالي فكل الموالد والاحتفالات الصوفية الأخرى "بدعة"، إلّا أنّ المصريين تمكّنوا من الحفاظ على طريقة أجدادهم بالتعبير عن عشقهم لنبيّهم الكريم.
كما لعب علماء الأزهر ودار الإفتاء دوراً كبيراً في الرد على هؤلاء وبيان مشروعية مثل هذه الاحتفالات، التي يُحييها الناس بارتداء الملابس الجديدة، وتبادل الهدايا، وتزيين الطرقات، وشراء الحلوى والألعاب، وحلقات الذكر التي يذكر فيها اسم الله ورسوله.
لتستمر احتفالات وموالد الصوفية شاهدة على التدين الفطري للمصريين، وعشقهم وتعلقهم بحب النبي وآل بيته الطيبين و الأولياء والصالحين، بـ"روح" سمحة لا تعرف التعصب أو التشدد المقيت.





إرسال تعليق