طيب القول
بقلم..... مصطفى ياسين
احتفالاتُ مصر بالذكرى الحادية والخمسين لنصرِ اكتوبر المجيد ١٩٧٣م، رمضان ١٣٩٣هـ، هذا العام وكأنَّها احتفالات بنصرٍ حديثٍ لم تمُرْ عليه سوى ساعات قلائل! وهى بالفعل كذلك، بل هى بكلّ تأكيد ما يجب أن يكون دائماً فى تعامُلنا اليومى ومنهج حياتنا المعاصرة، أن نستلهم روحَ نصرِ أكتوبر ونستحضرها فى كلّ أوقاتنا.
فمَنْ شاهَدَ احتفالات تخريج دُفعة جديدة من أبطال الكلّيّة الحربيّة والأكاديميّة العسكريّة، وقَبْلَها بساعات أكاديميّة الشُرْطة، وحِرْص الرئيس عبدالفتاح السيسى، وكبار قادة الدولة المصرية على الحضور والمشاركة، ينتابَه هذا الشعور الوطنى، بل يزهو ويفتخِر بما مَنَّ الله به على مصر الكِنانة بهذه النِعَم والثروة البشرية التى بشَّرها سيَّدنا رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- ودعا وآل بيته الكِرام، لها بأنها وأهلَها وجُندها فى رباط إلى يوم القيامة، ومهما تكالَبَت عليها المَخَالِب وتعاظَمت عليها الخُطوب والأزمات، فإنّها لن تسْقُط أو تركَع لأن عَيْنَ الله ترعاها وتحرُسُها من كلّ سوء ومكروه، إنّما هى فقط امتحانات واختبارات التمحيص لتمييز الطيّب من الخبيث، والغثّ من الثمين، والمُخْلِص من المُفْسِد، ليذهب الجُفاء من الزَبَد وما ينفع الناس يمْكث، كما قال تعالى، فى سورة الرعد: "أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا ۚ وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ ۚ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ (17)".
وإذا كنّا نُجدِّد سنويّاً احتفالَنا وزهوَنَا بهذا الانتصار العظيم فى عصرنا الحديث منذ ٥١ عاما، فإن احتفالَ هذا العام له مذاق خاص يمتزج بفرحة بدْء الحياة المصرية فى العاصمة الإدارية الجديدة، ويليق بـ"الجمهورية الجديدة" التى ننشُدُها جميعا بقيادة أحد أبناء الوطن المُخلِصين الذين تزْخر بهم مصرنا الحبيبة، وقد شاركنا فرحَتَنا وزهوَنا أشّقاؤنا وأصدقاؤنا من العرب والأفارقة والعالَم، سواء بحضور رئيس دولة الإمارات سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، إبن زايد الخير- طيّب الله ثراه- أو بتخرُّج أبناءِ تلك الدول من هذه القلاع العسكرية والأمنية المصرية ليكونوا سُفراءنا فى بلادهم والعالم أجمع.
فما أحوجنا لأن يكون العامُ كلّه "أكتوبر" بـ"روحه وإنجازاته" التى تحقّقت- ومازالت- تُسعدنا وتُتْحِفُنا على كلّ المستويات، داخليّاً وخارجيّا، وكأنَّ أكتوبر فى العام الميلادي هو "رمضان" فى العام الهجري، بنفحاته وكرَاماته! مع إيماننا ويقيننا بأن ربَّ أكتوبر ورمضان هو ربُّ كلّ الشهور، ربُّ العالَمين سبحانه وتعالى، وأن الإنسان- والمصري خاصًّة- هو الذي يصنع المعجزات، بإرادة الله، إذا طوَّر من نفسه وقرَّر التغيير والإصلاح والنجاح.
فكلذُ عامٍ ومصر فى عزّة ونصر، ولـ"تحيا" أُمَّتُنا المصريّة والعربيّة والإسلاميّة دائما في أمن وأمان واستقرار وازدهار، بفضل الله ثم أبنائها المُخْلِصِين الأوفياء.
إرسال تعليق