"الجازولي": مصر ستبقى قاهرة وحامية ما بقيت الدنيا

 

أُحذِّر العرب من التخاذل عن الاصطفاف وتوحيد الكلمة

متى نستجيب لنداء الحق بالاعتصام بحبل الله؟!

كتب- مصطفى ياسين:

أكد السيد سالم جابر الجازولى- عضو المجلس الأعلى للطرق الصوفية، شيخ الطريقة الجازولية الحسينية الشاذلية- أن مصرنا باقية ومحفوظة بحفظ ورعاية الله، وإذا نال الأعداء منها فلا بقاء للعرب ولا للمسلمين، لكنها باقية بإذن الله، ستبقى قاهرة وحامية ما بقيت الدنيا بإذن الله، ولكننا نحذِّر الشعوب العربية والإسلامية في هذه الأوقات العصيبة، التي تُحيط بها المخاطر من كل جانب، من التخاذل عن الاصطفاف وتوحيد الكلمة، واتخاذ كافة الاستعدادات لما قد يجدِّ من أمور، ويجب على مواطني كل دولة أن يكونوا صفًا واحدًا خلف قياداتهم، يأتمرون بأمرها إذا ما دبَّ الخطر.

وتساءل "الجازولي": أين السوق العربية المشتركة التي نسمع عنها من آنٍ لآخر؟ وأين قوّة الردع الإسلامية المشتركة التي نتحدث عنها ثم سرعان ما نصمت؟ أين العُملة الموَحَّدة؟ لقد نجح الأعداء في كل ذلك ونحن عجزنا عنه، فمتى نفكر فيه؟ متى نشعر بالخطر؟ متى نستجيب لقول الله تعالى: "وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا"، ولهذا ندعو العرب والمسلمين إلى التكاتف ووضع أيديهم في أيدي بعضهم البعض قبل فوات الأوان، وحثهم على تكوين وحدة عربية حقيقية، وتقديم مصلحة شعوبهم التي هي أولى بخيرات بلادها، نحن أقوياء، ولكننا نستضعف أنفسنا.

كما شدّد "الجازولي"، على أهمية تربية الأبناء على الدين والتقوى، والعزة والكرامة، والاعتماد على النفس وقوّة الذات، لا قوّة الآخرين. وإعدادهم للإنتاج والعمل، والدفاع عن الأوطان والتضحية بأرواحهم فداءً لها إذا اقتضى الأمر.

أشار "الجازولي" إلى أن هناك رسائل غاية في الأهمية للهجرة النبوية لإصلاح واقعنا المعاصر، وذلك لما تحتويه من دروس وعبر غنية تقدِّم حلولاً للكثير من الأزمات التي تعصف بعالمنا الإسلامي والعربي المعاصر، مشيرا إلى أنه في ظلّ ما يشهده عالمنا اليوم من انقسامات حادّة أدَّت إلى تشرذُم الدول، وحروب وصراعات تفتك بأمن واستقرار المجتمعات، تبرز الحاجة الماسَّة إلى استلهام حكمة الهجرة، فعلى سبيل المثال: لو تأمّلنا مجتمع المدينة المنوَّرة قبل الهجرة، لوجدنا أنه لم يكن تلك الأرض الخصبة الجاهزة لانطلاق دعوة الإسلام كما قد يُظنُّ، بل كانت الأرض الأفضل والأقل عنادًا بكثير من مكة، وهذا يشير إلى أن النجاح لا يأتي دائمًا من البيئة المثالية، بل من القُدرة على التكيف واختيار الأنسب".

أوضح أن تحقيق وحدة المسلمين وانطلاق حضارتهم من المدينة المنورة واجه عقبات عديدة، فغالبية من آمنوا بالله ورسوله كانوا من قبيلتي الأوس والخزرج، اللتين كانتا بينهما خصومات وصراعات دامت لأكثر من مائة وعشرين عامًا، بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك قبائل يهودية تستوطن المدينة وتُحيط بها، وقد أعلنت هذه القبائل رفضها للإسلام وعداءها للمسلمين، ومع قدوم المهاجرين من مكة مع رسول الله، أصبح النسيج المجتمعي في المدينة متنوعًا ومختلفًا، لذا، كان من الضروري إحداث تجانس واستقرار أمني بين هذه المكونات المتنوعة لكي تنطلق حضارة المسلمين وتزدهر.

وطالب "الجازولي" بالاقتداء بفعل النبي للخروج من مشاكلنا الكثيرة، فالحق سبحانه وتعالى وفق النبي لتأليف القلوب بين الأوس والخزرج، فصاروا بنعمته إخوانًا، وتحولوا إلى بنيان واحد (الأنصار)، ثم دَمَجَ النبي معهم الوافدين الجدد من المهاجرين من مكة، وبهذا توحد المجتمع المسلم في المدينة، موضّحًا أن مشكلة اليهود الذين كانوا يحيطون بالمدينة ورفضوا الدخول في الإسلام كانت قائمة، فبوجود هؤلاء، لا يمكن أن تقوم لدولة المسلمين قائمة، لذا، عقد النبي معهم معاهدات سلام لضمان عدم الاعتداء بين الطرفين، التزم النبي بالعهد مع القبائل اليهودية ولم ينقض معاهدة، لكنهم لم يلتزموا بها، فأخرجهم النبي من المدينة، وبذلك، استقر مجتمع المسلمين في المدينة وتخلَّص من عدوِّه القريب، وبقي له عدو بعيد، وهم كفَّار مكّة، الذين خرج الرسول وصحابته من بينهم فارّين، ليس خوفًا من أذاهم، بل لأجل دين الإسلام ورسالته.

وقال "الجازولي": لو نظرنا في حال الأمّة هذه الأيام لوجدنا أن تلك العقبات موجودة بيننا اليوم: فأعداء على الحدود وأعداء من خلف البحار، وانقسامات وخلافات فيما بيننا وصلت إلى حدّ الاحتراب بين الدول الإسلامية، ورغم أننا نعلم جميعًا الأخطار المحدقة بأوطاننا وبلادنا، ومع ذلك لا يبدو أننا نسعى لتوحيد الكلمة واصطفاف الصفوف، وهذا واجب حتمي، ولو طبقنا هذا الدرس من الهجرة النبوية المشرفة، وأعلنت الدول الإسلامية والعربية أنها متضامنة ومتكاملة، وأن الاعتداء على أي دولة منها هو اعتداء على الجميع، لكان هذا كافيًا لتغيير الكثير مما يدور حولنا، ولكننا للأسف عجزنا عن ذلك.

0 تعليقات

إرسال تعليق

Post a Comment (0)

أحدث أقدم