"الشبراوي": الهجرة مدرسة خالدة في الفهم والتخطيط والعمل والبناء

كتب- مصطفى ياسين:

أكد السيد م. محمد عبدالخالق الشبراوى- شيخ الطريقة الشبراوية الخلوتية، عضو المجلس الأعلى للطرق الصوفية- أنَّ الهجرة النبويَّة تمثِّل مناسبة كريمةً تُذكِّر بأعظم حدثٍ ‏وقع في تاريخ الإسلام، وهو انتقالُ النبيِّ من مكَّةَ المكرَّمة إلى المدينة المنوَّرة، بأمرٍ مِنَ الله تعالى؛ ‏لتأسيس مجتمع جديد، وبناء دولة تنطلق منها رسالة الإسلام إلى الآفاق، موضِّحًا أنَّ الهجرة جاءت محفوفةً بالعِبَر والدروس العظيمة. مؤكداً أنَّ الهجرة لم تكن فرارًا، بل كانت تأسيسًا لدولة إسلاميَّة جديدة، أُقِيمَت على ثلاثة أُسُس ‏متينة؛ أولها: توثيق الصِّلة بالله، وثانيها: توثيق عَلاقة المسلمين بعضهم بعضًا، وثالثها: توثيق الصِّلة بغاية ‏الإسلام الكبرى؛ لتكون الهجرة بذلك مدرسةً خالدةً في الفهم والتخطيط والعمل والبناء.‏

أوضح "الشبراوي" أنَّ الهجرة النبويَّة كانت تحوُّلًا حضاريًّا فارقًا، نقل الأمَّة من الاستضعاف إلى التمكين، ومن الضياع إلى البناء، مشيرًا إلى أنَّ النبي في هجرته أسَّس لأمَّة تؤمن بالهدف، وتبني الإنسان، وتوقن بأنَّ التغيير يبدأ من الداخل. مشيرا إلى أنَّ كل مرحلة من مراحل الهجرة كانت درسًا في الإيمان الواعي والتخطيط الدقيق؛ إذِ اجتمع فيها الصبر والتوكُّل، والتدبير والتضحية، والوفاء بالعهد، والصدق مع الله، مشدِّدًا على أنَّ الناس بحاجة اليوم إلى قراءة الهجرة بوصفها منهجًا متجدِّدًا في صناعة الشخصية المسلمة، وإعادة التوازن الروحي والفكري في زمن التحديات،  إضافة إلى بثِّ روحها في المجتمع، وجَعْلها مصدرًا لإحياء القيم، وتربية الأجيال على الفهم الصحيح للدِّين.

أشار "الشبراوي" إلى أنَّ الهجرة النبويَّة مثَّلت نقطة تحوُّل في تاريخ الأمَّة الإسلاميَّة؛ إذْ كانت بداية لبناء دولة قائمة على الشورى والعدل وحِفظ الحقوق، وترسيخ السِّلم الاجتماعي بعد عقود من التناحر والفُرقة.

وبيَّن "الشبراوي" أنَّ الهجرة وضعت الأُسس الأولى لمشروع النهضة، وأعلت من قيمة التضحية والولاء للدِّين، وأظهرت أنَّ التغيير الحقيقي لا يتمُّ إلا بالتزكية والبناء الداخلي، لافتًا إلى أنَّ (الأوس والخزرج) كانوا بالأمس قبائل متناحرة، فلما اجتمعوا تحت راية النبي صاروا مجتمعًا موحَّدًا يعيش في ظلال الرحمة والمساواة، داعيًا إلى استحضار دروس الهجرة في واقعنا، وتعليمها للأجيال المقبلة؛ بوصفها مرتكزًا لبناء الحاضر وصياغة المستقبل.

0 تعليقات

إرسال تعليق

Post a Comment (0)

أحدث أقدم