طيب القول.. بقلم: مصطفى ياسين
كَتَبْتُ الأسبوع الماضي عمَّا عانَته محافظة أسوان خلال الأيام الماضية، من بعض الجرائم المُفْجِعَة وغير المتوَقَّعة التى ارتكبها بعض أبناء هذه الأرض الطيِّبة، تحت تأثير الإدمان اللعين وأشدّه خطراً وانتشارا ما يُعْرَف بـ"الشَابو، والآيس" الذي يُذْهِبُ العقل ويسْلُبُ الإرادة بل الرحمة والإنسانية ممن يقع فريسة له.
وبعد أن أطْلَقَت المرأة الأسوانية صرْخَةً تحوَّلت لصحْوَة داخل المجتمع الأسواني كلّه، تفاعل معها المجتمع المدني بكلّ فئاته، وواكبها الدور التنفيذي للأجهزة الحكومية المسئولة بقيادة محافظ الإقليم، اللواء د. إسماعيل كمال، وتحوَّلت الصرْخة إلى انتفاضة مجتمعية ضد أوكار ودواليب وشبابيك بيْع وتوزيع تلك السموم بل المُدَمِّرَات.
وانتقلت هذه الانتفاضة المجتمعية في مختلف مُدن وقُرى ونجوع أسوان، تدعمها الإرادة السياسية والتنفيذية مُعْلِنَةً "أسوان خالية من الإدمان والمخدَّرات"، بحرب شاملة، حرب مواجهة توازيها حرب توعية وتثقيف وإرشاد وبناء وعْى شعبى في كل التجمُّعات السُكَّانية والشبابية في المدارس والجامعات والمعاهد ومراكز الشباب والجمعيات الخيرية وتنمية المجتمع، ومراكز خدْمة الأسرة.
بما يساهم فى بناء وقوة المجتمع والحد من الجريمة، ونشر السلم الاجتماعى، ضمن مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسى للتنمية البشرية "بداية جديدة لبناء الإنسان".
ووسط مشاركة جماهيرية ومجتمعية وجامعية ودينية وتنفيذية، وبعد الوقوف دقيقة حدادًا على ضحايا الإدمان، بحضور المهندس عمرو لاشين نائب المحافظ، د. لؤى سعد الدين القائم بأعمال رئيس الجامعة، فضلاً عن مُمَثِّلين لأهالى القُرى من الرجال والسيّدات، والقيادات التنفيذية والعسكرية.
استمع اللواء د. إسماعيل كمال- محافظ الإقليم- لمقترحات الأهالى، وأطلق مبادرة "أسوان بلا إدمان"، تتضمَّن عدة محاور، بداية من المكافحة للإتجار بالمخدَّرات وتقديم العلاج وتكثيف جهود التوعية.
وأكد المحافظ، أن الهدف من هذه المبادرة المحلية هو وضع آلية واضحة ومحْكَمة وتوجيه الحِراك المجتمعى نحو بناء بيئة داعمة للمتعافِى، والتعامل مع مشكلة انتشار المخدّرات من خلال التكاتف والتلاحم بين الأهالى ومنظّمات المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية والجهات التنفيذية، حيث ترتكز المبادرة على منهجية شاملة تضم 3 محاور أساسية تتمثَّل فى، أولها: المكافحة للإتجار، وتتم بواسطة الأجهزة الأمنية بمديرية أمن أسوان بقيادة اللواء محمد أبو الليل بالتعاون مع المواطنين.
ثانيها: يتمثَّل فى تقديم العلاج المجانى المناسب للمدمنين من خلال "مركز العزيمة" بمدينة أسوان الجديدة، ومستشفى "التكامل" بالسد العالى شرق، حيث أن المدمن يعامَل على أنه مريض، وليس مذنِبًا.
وثالث المحاور: التوعية من أجل رفع الوعى بخطورة المخدرات.
وشدَّد "المحافظ" على أهمية الدور الدعائى من خلال تخصيص الخطبة الثانية فى صلاة الجمعة، وأيضاً فى عِظَات الكنائس للحديث عن الآثار السلبية للمخدَّرات والإدمان، والتعريف بالخط الساخن رقم ١٦٠٢٣ لتلقِّى العلاج، وهو الذى يتوازى مع قيام هيئات الرعاية الصحية والتأمين الشامل بتوفير الفحوصات والتحاليل الطبية اللازمة مجاناً للمرضى، فضلاً عن تقديم البرامج الاقتصادية لمرحلة "ما بعد التعافي" بالتعاون مع جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة والبنوك الوطنية لمنح قروض مُيَسَّرة لإقامة مشروعات إنتاجية، وتوفير الدورات التدريبية والتأهيلية لسوق العمل لدمجهم فى المجتمع.
وأشار المحافظ إلى أنه تم تشكيل لجنة من الجهات المعنية لمتابعة تنفيذ خطَّة المبادرة ورفع تقرير شهرى للمحافظ شخصيّاً، وهو الذى سيعقبه عقد مؤتمر بعد شهر للتعرُّف على المؤشّرات وتقييم وقياس لمعدَّلات النجاح لحالات الشفاء، ومراكز العلاج وتحديد التدخُّلات والتحسنيات المطلوبة، موضحاً بأنه سيتم إقامة عيادات مُصَغَّرة فى إدفو وكوم امبو ونصر النوبة لاستقبال أى حالات، مع زيادة القوافل الطبية، وزيادة أَسِرَّة مركز العزيمة إلى 80 سريرا، وكذا زيادة نسب الاستقبال فى مستشفى التكامل لتوافر 41 سريرا بها، كما سيتم نشر إعلان الكابتن محمد صلاح "لا للمخدَّرات" داخل مختلف مراكز ومُدُن المحافظة، وسيتم زيادة عدد المتطوِّعين إلى 400 متطوع، فضلاً عن تأهيل وتدريب الرائدات الريفيات والزائرات الصحّيّات لدعمهن بالمواد الفيليمة اللازمة من صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى.
وطالبت سيّدات أسوان بضرورة توفير الوحدات المتنقِّلة للعلاج والتدخّل السريع بالتعاون مع الصندوق، وتكثيف الدوريات الأمْنية والأكمنة بمداخل ومخارج القرى الأكثر تعرُّضاً لانتشار المخدرات، مع زيادة جُرعات التوعية وتنظيم الندوات بمراكز الشباب والجمعيات الأهلية ودُور العبادة.
وأكد المحافظ، أن الأسرة يقع عليها دور هام فى التربية والتنشئة السليمة ومتابعة الأبناء فى المراحل العُمْرِيَّة المختلفة، وهو الذى يتواكب مع زيادة البرامج والأنشطة المعرفية بمراكز الشباب والأندية والمدارس وكليات ومعاهد الجامعة ودور العبادة لتحقيق الاستثمار الأمثل لطاقات الشباب، مشيداً بالدور الرائد للمرأة الأسوانية فى قيادتها للحِراك المجتمعى ضد ظاهرة انتشار تعاطى الإدمان والمخدَّرات حيث يقع على عاتق المرأة مسئولية كبيرة، وهى جديرة بتحقيق ذلك، وهذا يتطلَّب منَّا جميعاً التكاتف والتلاحم للوصول إلى الأهداف المرجوَّة على الوجه الأكمل.
وأشار محافظ أسوان إلى أن الفترة الحالية فى إطار تفعيل مبادرة "أسوان خالية من المخدرات" ستشهد التنسيق لافتتاح عيادات مُصغَّرة داخل مراكز المحافظة بإشراف من صندوق مكافحة وعلاج الإدمان لتجهيزها ورفع كفاءتها، وسيتم تغطية كافة القرى بالتوعية اللازمة.
وصرَّح محمد حسن الشيبانى- مسئول الإعلام بديوان محافظة أسوان- بأنه فى ظلِّ المواجهة الحازمة لأوكار وتجّار المخدّرات داخل مختلف المناطق والأحياء السكنية ضمن توصيات المبادرة التى أطلقها المحافظ بواسطة الأجهزة الأمنية بمديرية أمن أسوان، بقيادة اللواء محمد أبو الليل وبالتعاون مع المواطنين، قامت الوحدات المحلية بدورها فى تكثيف الجهود المبذولة على مدار الساعة لبسط الأمن والأمان بكافة أنحاء المحافظة. وتوجيه ضربات مُرَكَّزة لتصفية العناصر الإجرامية ومقار تُجَّار المخدّرات واتّخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيالهم.

إرسال تعليق