المرأة قادت الانتفاضة.. والمحافظ استجاب
المبادرة الرئاسية "بداية جديدة لبناء الإنسان".. تَتَجَسَّدُ واقعًا ملموسًا
أسوان- مصطفى ياسين:
عانَت محافظة أسوان خلال الأيام الماضية، من بعض الجرائم المُفْجِعَة وغير المتوقَّعة التى ارتكبها بعض أبناء هذه الأرض الطيِّبة، وللأسف الشديد ضد أقرب الناس إليهم سواء الوالِدَيْن أو الأبناء والأشقاء، تحت تأثير الإدمان اللعين الذي بدأ ينتشر كالنار في الهشيم، بكل أنواعه وأشدّها خطراً وانتشارا ما يُعرف بـ"الشَابو، والآيس" الذي يُذْهِبُ العقل ويسْلُبُ الإرادة بل الرحمة والإنسانية ممن يقع فريسة له.
وقد عُرِفَ عن أبناء أسوان، كغيرهم من أبناء مصر المحروسة، الفِطْرَة النقيّة والهدوء النفسي والميل إلى الطُمأنينة والسَكِيْنَة، والبُعْد تماما عن العُنف أو الكُرْه والضغينة، وانعكس ذلك على حركة السياحة، سواء الداخلية أو الخارجية، لدرجة أن جميع السائحين الأجانب والزائرين من أنحاء المحروسة يتمنَّون التعامل مع أبناء أسوان والعيش بينهم، طوال التاريخ القديم والحديث، وهناك نماذج بارزة، أشهرها الأغاخان الهندي، والسير الطبيب العالمى د. مجدى يعقوب، حتى الأعمال الدرامية حينما أراد مبدعوها تجسيد هذه المعاني، مختَلِطَةً بالانتماء للوطن والإقبال على الحياة برِضًا وسعادة، اختارت العِيْشة الأسوانية فكان دَرْسُ الفنان حسين فهمي لـ"الفرعون الصغير" "أحمد السقَّا" في رائعته فيلم "مافيا".
صَرْخَة الصحْوَة
من هنا انطلقت صحْوَة، بل صرْخَة المجتمع الأسواني كلّه، وعلى رأسه المرأة التي استشعرت خطورة الوضْع، تبعها تحرُّك المجتمع المدني بكلّ فئاته، وواكبها الدور التنفيذي للأجهزة الحكومية المسئولة بقيادة محافظ الإقليم، اللواء د. إسماعيل كمال، وتحوَّلت الصرْخة إلى انتفاضة مجتمعية ضد أوكار ودواليب وشبابيك بيْع وتوزيع تلك السموم بل المُدَمِّرَات.
حرب شاملة
وانتقلت هذه الانتفاضة المجتمعية في مختلف مُدن وقُرى ونجوع أسوان، تدعمها الإرادة السياسية والتنفيذية مُعْلِنَةً "أسوان خالية من الإدمان والمخدَّرات"، بحرب شاملة، حرب مواجهة توازيها حرب توعية وتثقيف وإرشاد وبناء وعْى شعبى في كل التجمُّعات السُكَّانية والشبابية في المدارس والجامعات والمعاهد ومراكز الشباب والجمعيات الخيرية وتنمية المجتمع، ومراكز خدْمة الأسرة.
بما يساهم فى بناء وقوة المجتمع والحد من الجريمة، ونشر السلم الاجتماعى، ضمن مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسى للتنمية البشرية "بداية جديدة لبناء الإنسان".
مبادرة أسوانية
ووسط مشاركة جماهيرية ومجتمعية وجامعية ودينية وتنفيذية، وبعد الوقوف دقيقة حدادًا على ضحايا الإدمان، بحضور المهندس عمرو لاشين نائب المحافظ، د. لؤى سعد الدين القائم بأعمال رئيس الجامعة، فضلاً عن ممثِّلين لأهالى القُرى من الرجال والسيّدات، والقيادات التنفيذية والعسكرية.
استمع اللواء د. إسماعيل كمال- محافظ الإقليم- لمقترحات الأهالى، وأطلق مبادرة "أسوان بلا إدمان"، تتضمَّن عدة محاور، بداية من المكافحة للإتجار بالمخدَّرات وتقديم العلاج وتكثيف جهود التوعية.
الحِراك المجتمعى
وأكد د. إسماعيل كمال، أن الهدف من هذه المبادرة المحلية هو وضع آلية واضحة ومحْكَمة وتوجيه الحِراك المجتمعى نحو بناء بيئة داعمة للمتعافِى، والتعامل مع مشكلة انتشار المخدّرات من خلال التكاتف والتلاحم بين الأهالى ومنظّمات المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية والجهات التنفيذية، حيث ترتكز المبادرة على منهجية شاملة تضم 3 محاور أساسية تتمثَّل فى، أولها: المكافحة للإتجار، وتتم بواسطة الأجهزة الأمنية بمديرية أمن أسوان بقيادة اللواء محمد أبو الليل بالتعاون مع المواطنين.
ثانيها: يتمثَّل فى تقديم العلاج المجانى المناسب للمدمنين من خلال "مركز العزيمة" بمدينة أسوان الجديدة، ومستشفى "التكامل" بالسد العالى شرق، حيث أن المدمن يعامَل على أنه مريض، وليس مذنِبًا.
وثالث المحاور: التوعية من أجل رفع الوعى بخطورة المخدرات.
المساجد والكنائس
وشدَّد "المحافظ" على أهمية الدور الدعائى من خلال تخصيص الخطبة الثانية فى صلاة الجمعة، وأيضاً فى عظات الكنائس للحديث عن الآثار السلبية للمخدَّرات والإدمان، والتعريف بالخط الساخن رقم ١٦٠٢٣ لتلقِّى العلاج، وهو الذى يتوازى مع قيام هيئات الرعاية الصحية والتأمين الشامل بتوفير الفحوصات والتحاليل الطبية اللازمة مجاناً للمرضى، فضلاً عن تقديم البرامج الاقتصادية لمرحلة "ما بعد التعافي" بالتعاون مع جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة والبنوك الوطنية لمنح قروض مُيَسَّرة لإقامة مشروعات إنتاجية، وتوفير الدورات التدريبية والتأهيلية لسوق العمل لدمجهم فى المجتمع.
تقرير شهري
أشار د. إسماعيل كمال إلى أنه تم تشكيل لجنة من الجهات المعنية لمتابعة تنفيذ خطَّة المبادرة ورفع تقرير شهرى للمحافظ شخصيّاً، وهو الذى سيعقبه عقد مؤتمر بعد شهر للتعرُّف على المؤشّرات وتقييم وقياس لمعدَّلات النجاح لحالات الشفاء، ومراكز العلاج وتحديد التدخُّلات والتحسنيات المطلوبة، موضحاً بأنه سيتم إقامة عيادات مُصَغَّرة فى إدفو وكوم امبو ونصر النوبة لاستقبال أى حالات، مع زيادة القوافل الطبية، وزيادة أَسِرَّة مركز العزيمة إلى 80 سريرا، وكذا زيادة نسب الاستقبال فى مستشفى التكامل لتوافر 41 سريرا بها، كما سيتم نشر إعلان الكابتن محمد صلاح "لا للمخدَّرات" داخل مختلف مراكز ومُدُن المحافظة، وسيتم زيادة عدد المتطوِّعين إلى 400 متطوع، فضلاً عن تأهيل وتدريب الرائدات الريفيات والزائرات الصحّيّات لدعمهن بالمواد الفيليمة اللازمة من صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى.
استماع واستجابة
حرص المحافظ على الاستماع لمقترحات الحضور حيث طالبت سيّدات أسوان بضرورة توفير الوحدات المتنقِّلة للعلاج والتدخّل السريع بالتعاون مع الصندوق، وتكثيف الدوريات الأمْنية والأكمنة بمداخل ومخارج القرى الأكثر تعرُّضاً لانتشار المخدرات، مع زيادة جُرعات التوعية وتنظيم الندوات بمراكز الشباب والجمعيات الأهلية ودُور العبادة.
الرؤية المستقبلية
كما التقى د. إسماعيل كمال محافظ أسوان، بالدكتور إبراهيم عسكر- مدير عام البرامج الوقائية بصندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى، التابع لمجلس الوزراء- بحضور الدكتورة ولاء سعد عرفة- منسِّق الصندوق بأسوان- وعقب استعراض جهود الصندوق داخل المحافظة على مدار الشهور الماضية، والرؤية المستقبلية حيث استقبل مركز العزيمة بأسوان الجديدة 2000 مكالمة تليفونية و 1600 متردِّد، كما تم الكشف على 1173 موظّفا للترّقِيات، و 270 سائقا بالأكمنة، فضلاً عن تنظيم العديد من الندوات التثقيفية والأنشطة التوعوية بالجامعة والمدارس ومراكز الشباب والقرى والمصالح الحكومية،
لافتاً إلى أن وجود مركز العزيمة التابع لصندوق مكافحة الإدمان الذى تم إنشاؤه بمدينة أسوان الجديدة، بالتعاون مع كلية الطب بجامعة أسوان، يعتبر نقطة مضيئة وهامة لتقديم خدمات العلاج والتأهيل للمرضى مجاناً وفقاً للمعايير الدولية، وفى سِرِّيَّة تامة، ويمكن الاتصال لتلقِّى العلاج أيضاً عن طريق الخط الساخن رقم ١٦٠٢٣.
دور الأُسْرَة
وأكد د. إسماعيل كمال، أن الأسرة يقع عليها دور هام فى التربية والتنشئة السليمة ومتابعة الأبناء فى المراحل العُمْرِيَّة المختلفة، وهو الذى يتواكب مع زيادة البرامج والأنشطة المعرفية بمراكز الشباب والأندية والمدارس وكليات ومعاهد الجامعة ودور العبادة لتحقيق الاستثمار الأمثل لطاقات الشباب، مشيداً بالدور الرائد للمرأة الأسوانية فى قيادتها للحِراك المجتمعى ضد ظاهرة انتشار تعاطى الإدمان والمخدَّرات حيث يقع على عاتق المرأة مسئولية كبيرة، وهى جديرة بتحقيق ذلك، وهذا يتطلَّب منَّا جميعاً التكاتف والتلاحم للوصول إلى الأهداف المرجوَّة على الوجه الأكمل.
وأشار محافظ أسوان إلى أن الفترة الحالية فى إطار تفعيل مبادرة "أسوان خالية من المخدرات" ستشهد التنسيق لافتتاح عيادات مُصغَّرة داخل مراكز المحافظة بإشراف من صندوق مكافحة وعلاج الإدمان لتجهيزها ورفع كفاءتها، وسيتم تغطية كافة القرى بالتوعية اللازمة.
سرعة التنفيذ
وصرَّح محمد حسن الشيبانى- مسئول الإعلام بديوان محافظة أسوان- بأنه فى ظلِّ المواجهة الحازمة لأوكار وتجّار المخدّرات داخل مختلف المناطق والأحياء السكنية ضمن توصيات المبادرة التى أطلقها المحافظ تحت شعار "أسوان بلا إدمان" بواسطة الأجهزة الأمنية بمديرية أمن أسوان، بقيادة اللواء محمد أبو الليل وبالتعاون مع المواطنين، قامت الوحدة المحلية لمركز ومدينة أسوان بقيادة إبراهيم سليمان بتنفيذ حملات مكبَّرة بمنطقة حىّ الصداقة الجديدة استهدفت إزالة لـ 28 حالة ما بين متغيّرات مكانية واسترداد أراضى تقنين بمساحة 4500م2، والتى كان يُسْتَغَلُّ البعض منها كأوكار لتجارة المخدّرات، وقد شهدت جهود الحملة مشاركة للأجهزة الأمنية بقيادة اللواء محمد ممدوح- مساعد مدير الأمن- فضلاً عن نواب رئيس المدينة، ورؤساء الأحياء، والعاملين والفنيين بالوحدة المحلية مُدْعَمِين بالمُعِدَّات الثقيلة.
كما تابع المحافظ جهود مديرية الأمن لتصفية وضبط 3 عناصر إجرامية شديدة الخطورة، مع ضبط 50 متهما من جنسيات مختلفة، وكذلك تنظيم حملات مرورية على الطرق السريعة والداخلية وغلق 10 كافتيريات ومقاهٍ.
وتصفية عنصر إجرامى شديد الخطورة، والمطلوب على ذِمَّة قضايا قتل وسرقة وحيازة سلاح والتجارة فى المخدّرات، مع ضبط كمية كبيرة من المواد المخدِّرة بمنطقة الصداقة القديمة بحى شرق، وكذلك تم ضبط اثنين آخرين من العناصر الإجرامية شديدة الخطورة بقرى الكُوْبَانيّة وغرب أسوان، وبحوذتهم كمية من المواد المخدِّرة بهدف الترويج لبيعها.
وفى نفس السياق تم ضبط العديد من الأشخاص المتّهمين على ذمَّة قضايا تنفيذاً لأحكام قضائية صادرة بشأنهم، والذين تم إحالتهم للنيابة العامة لاتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم.
وكان من أبرز هؤلاء ضبط 50 شخصا متَّهمًا من الجنسيات المختلفة الذين قاموا بالهجرة غير الشرعية والتسلُّل عبْر الحدود دون إجراءات شرعية وقانونية، فيما قامت الوحدة المحلية لمركز ومدينة أسوان بالتنسيق مع شرطة المرافق بغلق وتشميع 10 كافتيريات ومقاهٍ يديرها جنسيات أفريقية بدون الحصول على التراخيص اللازمة بالسوق السياحى.
كما تزامن ذلك مع تنظيم حملات على الطرق السريعة والداخلية لضبط العديد من المخالفات المرورية سواء لقائدى المركبات أو لمخالفات ترخيص أو خطوط سير لسيارات السرفيس والتوكتوك والتروسيكل والموتسيكل، ويشار إلى قيام مديرية الأمن بالاستمرار فى تنظيم هذه الحملات وتكثيف الجهود المبذولة على مدار الساعة لبسط الأمن والأمان بكافة أنحاء المحافظة.
كما تم توجيه ضربات مُرَكَّزة لتصفية أحد العناصر الإجرامية بقرية "سبيل العرب" بمركز كوم أمبو، كما تم بالتوازى ضبط 6 تجَّار مخدّرات بعد مداهمة لـ 4 أوكار للمخدّرات بمناطق متفرقة هى: الشُوْنَة والمُسْتَعْمَرَة والمحمودية وغرب أسوان، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيالهم.





إرسال تعليق