MrJazsohanisharma

أغْلَىَ من البَيْع!

طيب القول.. بقلم مصطفى ياسين

من قَبْل تولِّي دونالد ترامب، مَهام منصبه في فترة رئاسته الثانيّة لأكبر قوَّة في العالَم، وهو يُطلق تصريحاته المُثيرة للجدَل والمسبِّبة لكثير من المُتفجِّرات السياسيّة والتي يبدو أنها ستَخْلِقُ أزمات دبلوماسية رُبما تصل إلى حدِّ الحروب العسكريّة ولن تقف عند حدود المُلاسَنَات الكلامية أو التصريحات العَنْتريّة، الصادرة من هنا وهناك بطول رُقْعَة الخريطة العالمية التي يبدو أنها لن تخلو بُقعة فيها من سيف سمسار الأراضي والعقارات العالَمي، الذي جاء لـ"يُشَطِّبَ" على خزائنِ الدول، ويستنزف ثرواتها بشتّى الوسائل والطُرُق غير المشروعة لا قانونياً ولا إنسانياً، لأن عقليّة السَمْسَرة لا تعرف للوطن انتماءً، ولا للتاريخ شَرَفًا أو اعتزازًا وولاءً، ويُسيِّطر عليها فقط مفهوم البيع والشراء، ولا تؤْمِن إلا بـ"الغايَة تُبَرِّر الوسيلة"!

ورغم قَسْوَة وجبروت الاستعمار والاحتلال ورَفْضِه في كلِّ صورِه وأشكالِه، إلا أن العالَم لم يشهد طوال تاريخه أو يسمَع مصطلح "بيع الأوطان"! صحيح أن التاريخ سَجَّل بين جَنَبَات صفحاتِه السوداء، حوادثَ الإبادة الجماعية والتطهير العِرْقِي والديني، كما حدث مع الهنود الحُمْر في القارّة الجديدة وقتذاك، ومع مسلِمي البوسنة والهَرْسَك، وكما يحدث حالياً مع الفلسطينيين في غزَّة والضَفَّة الغربيّة، إلا أننا لأول مرَّة نسمع عن محتَلٍّ وأعوانِه وأذيالِه، يدعو أهل البلد الذي احتلَّه بالغَدْر والخيانة وارتكاب كلّ الجرائم الوحشيّة، للهجْرة الطوعيّة أو القَسْريّة عن أرض الوطن، مفتخرًا بأنه سيُحوِّل هذا الوطن المحتَلَّ إلى "ريفييرا الشرق الأوسط"! بعد أن دمَّره وجعل الحياة فيه جحيمًا ولا يمكن العيش فيه!

ولم يدْرِك ذلك المحتلُّ والسمسارُ العالِمي، أن هناك أشياءً لا يُمكن أن تكون محَلًّا للبيع أو الشراء أو حتى المساوَمَة أو التنازل أو الاستبدال، وتأتي على رأسها الأوطان.

فالوطنُ لا يعرف قيمَتَه ومكانته إلا أبناؤه المخلِصون الأوفياء، أما اللُّقطاءُ والمُتَسَلِّقون و"الهَلِّيَبَة"، فلا يعرفون هذه المعاني، لأنهم بكلّ بساطة "نَبْتٌ شيطانيٌّ" ليس له جُذور وأصول في أرضّ العِزَّة والكرامة ينتمي إليها، لذا فكلّ شئ عنده قابلٌ للبيع والشراء!

والحمدُ لله أننا في بلادنا العربية والإسلامية نُدْرِك جيّدا هذه القيم والمبادئ الوطنية التي وصَلَت إلى درجة عالية في عقيدتنا الدينيّة، فحبُّ الأوطان من الإيمان، وقُدْوَتُنا في ذلك هو سيِّدنا رسول الله- صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم- وكيف كان موْقِفُه وشعوره وهو مهاجِر من مكّة المكرّمة إلى المدينة المنوَّرة لنَشْرِ دين الله.

لكن للأسفِ الشديد هذا الإيمانُ بالأوطان يفتقدُه ويفتقِرُه كثيرٌ من الناس! خاصة فى هذا الزمن الذي تحوَّل فيه مِقياس كلّ شئ إلى "المادَّة" و"الفلوس"، وانعدمت القيمُ والمبادئُ والأخلاقُ، إلا مَنْ رَحِمَ رَبِّي!

الوطنُ عقيدةٌ وانتماءٌ وليس سلعةً للبيع والشراء، حتّى وإن كنَّا في عالَمٍ عَزَّ فيه الشرفُ والولاءُ والوفاءُ، حتّى إن كان كَوْمًة من رُكَامٍ أو رَمَادٍ، فهو ليس "حِفْنَةً من تُرابٍ" ولن يكون "ريفييرا" السُوَّاح والأجانب من شتَّى بِقَاع العالَم!

ولـ"تحيا أوطانُنا" دائمًا أبدًا كريمة بأبنائها المُخْلِصين الشُرَفَاء.

0 تعليقات

إرسال تعليق

Post a Comment (0)

أحدث أقدم