تعلموا من عاشوراء

 

بقلم: د. إلهام شاهين

عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر الله المحرم، كانت العرب في الجاهلية تصومه وتعظمه، وتكسوا فيه الكعبة، وقيل: إنهم تلقوا ذلك من الشرع السالف، ووجد أنه كذلك اليوم العاشر من شهر تشرى عند اليهود، وهو معروف عند اليهود بيوم الغفران أو يوم كيبور، أي يوم الكفارة وهو أكبر عيد عندهم حتى الآن، وعندما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة المنورة وجد اليهود تصوم ذلك اليوم وتعظمه وتجعله عيدا يلبسون فيه ويخرجون ويحتفلون به ،فسأل عن سبب ذلك؟ فقالوا: هذا يوم عظيم، وهو يوم نجى الله فيه موسى، وأغرق آل فرعون، فصام موسى شكرًا لله، فقال النبي: "أنا أولى بموسى منهم"، فصامه وأمر بصيامه، كما نبه المسلمين لعدم مشابهة اليهود في الاحتفال به كعيد في المظهر والملابس.

وكان حريصا على صيامه حتى بعد أن فرض الله صيام شهر رمضان، ورغم أنه جعل صومه سُنَّة لمن أراد ذلك إلا أنه رغَّبَ فيه المسلمين، ببيان حرصه على صيامه وبيان فضله فقال: (صيامُ يومِ عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله) يعني من الذنوب التي لا تتعلق بحقوق العباد، التي قال فيها: (من كانت عنده مظلمة من أخيه فليتحلله منها، فإنَّهُ ليس ثمَّ دينار ولا درهم، من قبل أن يُؤخذ لأخيه من حسناته، فإن لم يكن له حسنات، أُخِذَ من سيئات أخيه فطُرِحت عليه).

وقد أراد الرسول أن ننتبه لأهمية يوم عاشوراء ونتعلم منه العبرة من قصة نجاة موسى وهلاك فرعون، ونعلم أن الأيام دول وأن العاقبة للتقوى، وأننا عندما تواجهنا الصعاب في الحياة لا نيأس من رحمة الله، ونثق بأن النجاة في توثيق صلتنا بالله تعالى، فمكر الأعداء إلى زوال وأنه لا يُقهر من آمن بالله وتوكل عليه، ونصبر ونوقن أن النصر مع الصبر، وأنه لا يخيب من رجاه، ثم نتعلم من الأنبياء أن التعبير عن الشكر لله يكون بالعبادة وإظهار الطاعة كما فعل سيدنا موسى وكما فعل سيدنا محمد ونتأسى بهما ونكثر من الدعاء في ذلك اليوم بما ورد في القرآن الكريم من أدعية لسيدنا موسى كليم الله عليه السلام ومنها "رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي" القصص ١٦ "، "رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ" القصص ٢١ . ".. رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ ۖ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ الأعراف ١٥١ . فلنتعلم من يوم عاشوراء التذكير بأيام الله واليقين في النصر لمن آمن بالله واتقاه ولنُعَبِّر عن ذلك بذكره وشكره وحسن عبادته واتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم.

0 تعليقات

إرسال تعليق

Post a Comment (0)

أحدث أقدم