قضى حياته خادما للعلم والدين
رحل
عن عالمنا يوم الخميس الماضي د. محمد علي إبراهيم محجوب- وزير الأوقاف الأسبق
وأستاذ الشريعة الإسلامية والأحوال الشخصية بجامعة عين شمس وأكاديمية الشرطة- عن
عمر يناهز الـ 85 عاماً بعد صراع مع المرض استمر لـ شهور .
كانت
الحالة الصحية للدكتور العالم والفقيه محجوب الذي تولى رئاسة معهد الدراسات
الإسلامية، قد تدهورت خلال الفترة الماضية وذلك بأحد المستشفيات الكبرى.
ولد
في 15 أكتوبر 1939. حاصل على ليسانس حقوق وليسانس شريعة جامعة عين شمس، كما حصل
على ماجستير في القانون المقارن، ودكتوراه في الشريعة والقانون كلية الشريعة
والقانون، وحاصل على جائزة الدولة التقديرية عام 2000، إضافة إلى حصوله على جائزة
الدولة التقديرية عام 2009، كما حصل على وسام الجمهورية من الطبقة الأولى. عُيِّن
وزيرًا للأوقاف من 11 نوفمبر 1986م إلى 2 يناير 1996م وعضوًا بمجلس الشعب من عام
1979 إلى 2005. وظل لمدة 25 عاما ترأس فيها من البداية لجنة الشؤون الإجتماعية
والدينية والأوقاف، حيث اختاره د. صوفي أبوطالب رئيس المجلس – آنذاك – لرئاسة هذه
اللجنة التي كانت تختص بشؤون عدد من الوزرات، حيث كان الاختيار قائما على كون د.
محجوب أستاذا بكلية الحقوق .
قانون
الأسرة
وخلال
هذه الفترة عاصر د. محجوب صدور قانون الأحوال الشخصية رقم 100 لسنة 1997، والذي
أثار ضجة واسعة ومعارضة شديدة من أعضاء البرلمان، والذي وصل إلى اللجنة من خلال
قرار بقانون أصدره الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وكان هذا اختبار حقيقي لرئيس
اللجنة، حيث عرض القانون على البرلمان ليوافق عليه أو يرفضه ولكن ليس له الحق في
التعديل، وبعدما وجد القانون معارضة كبيرة استطاع رئيس اللجنة آنذاك العبور به من
خلال المجلس .
كما
أشرف د. محجوب خلال رئاستة للجنة الشؤون الاجتماعية والدينية والأوقاف على القانون
رقم 1 لسنة 200 والذي عرف باسم قانون "الخلع" والذي أثار أيضا ضجة كبيرة.
كما كان له دور كبير في صدور القانون 10 لسنة 2004 الذ أُنشئ بموجبه محكمة الأسرة.
وأيضا القانون رقم 11 لسنة 2004 الذي تم من خلاله إنشاء صندوق تأمين الأسرة التي
لا عائل لها خاصة المطلقة .
مواجهة
التطرف
وكان
لوزير الأوقاف الأسبق دور كبير في مواجهة الفكر المتطرف خاصة في الصعيد والذي كان
بدأ انتشاره عندما تولى الأوقاف، فعمل على تنظيم المؤتمرات والندوات الفكرية إلى
جامعات مصر كلها خاصة جامعات الصعيد، شارك فيها نخبة كبيرة من العلماء والمفكرين
على رأسهم الشيخ محمد الغزالي د. محمد سيد طنطاوي، د. أحمد كمال أبو المجد وغيرهم
رحمهم الله جميعا، وذلك لتبصير الشباب بصروة الإسلام الحقيقية وأنه ليس دين قتل أو
سفك دماء، وتم تصحيح مفاهيم هذا الفكر الذي أساء إلى الإسلام وإلى مصر .
ولا
ينس أهالي حلوان الذي كان يعيش د. محجوب وسطهم حتى وفاته وكان نائبا عنهم في مجلس
الشعب، بأنه هو من كان الدور الأكبر في إنشاء جامعة حلوان كجامعة مستقلة .
وهنا
يذكر د. محجوب بأنه عندما كان مرشحا بالبرلمان عام 1979 أمام أحد رجال الأعمال
الكبار، سانده الشباب هناك ورفعوا شعار "يا فقير يا ابن الفقير كفاية عليك
الجماهير".
أثري
د. محجوب المكتبة الإسلامية بالكثير من المؤلفات، منها على سبيل المثال: "التشريع
الإسلامي وقوانينه الجنائية والمدنية" ، "الفكر الديني والمواطنة -
محاضرات مع آخرين"، "مقارنة بين بعض فلاسفة الوضعية القانونية في الفكر
الأوروبي وبعض فلاسفة الإسلام"، "نظام الأسرة في الشريعة الإسلامية:
الزواج، الطلاق، حقوق الأولاد والأقارب: أحكام تطبيقية في قضايا الأحوال الشخصية " .
مواقف
تاريخية
للدكتور
محجوب العديد من المواقف التاريخية نذكر منها :
- موقفه من التعليم الديني. حيث عمل على
تطوير المناهج الدراسية في الأزهر بما يتماشى مع متطلبات العصر واهتم بتشجيع
التعليم الحديث.
- مشاركته في القضايا الوطنية. حيث كان
له دور فعال في دعم القضايا الوطنية خلال فترة الاستقلال، حيث دعا إلى تعزيز
الهوية الإسلامية والوطنية.
- توجيه الخطاب الديني. وقد سعى إلى تجديد الخطاب
الديني، مبرزاً أهمية الاعتدال والتسامح، ودعا إلى مواجهة التطرف.
- إدارة الأوقاف. حيث عمل على تطوير إدارة
الأوقاف وتوجيه أموالها في المشاريع الخدمية التي تفيد المجتمع، مثل بناء المدارس
والمستشفيات.
نعي
ومواساة
وقد
نعى فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب- شيخ الأزهر- د. محجوب بعد رحلة حياة قضى
معظمها خادما للعلم والدين، مدافعا عن الإسلام والمسلمين. حيث تقدم فضيلته بخالص
العزاء والمواساة إلى أسرة الفقيد الراحل، داعيا المولى أن يرحمه رحمة واسعة، وأن
يغفر له ويسكنه فسيح جناته، وأن يلهم أسرته وذويه الصبر والسلوان.
كما
نعاه د. أسامة الأزهري وزير الأوقاف قائلا: "بخالص الحزن والأسى وبقلوب مؤمنة
بقضاء الله وقدره ننعي الفقيه الكبير والعالم الجليل الدكتور محمد علي إبراهيم
محجوب وزير الأوقاف الأسبق وأستاذ الشريعة الإسلامية والأحوال الشخصية بجامعة عين
شمس، رحمه الله (عز وجل) رحمة واسعة، وغفر له، وأسكنه فسيح جناته، وألهم أهله
وذويه الصبر والسلوان" .
ونعى
د. شوقي علام مفتي الجمهورية، حيث قال في بيانه: إن الأمة الإسلامية فقدت عالمًا
جليلًا ومفكرا مبدعا وداعية من طراز فريد، أفني عمره في خدمة الإسلام والمسلمين،
ونشر الوسطية والسماحة، ومواجه الفكر المتطرف بكل شجاعة وحزم.
وأضاف:
كان الراحل نموذجًا مشرفا للعالم الإسلامي، فقد تميز بسعة علمه وحسن خلقه وتقواه،
وعمل جاهدًا على ترسيخ قيم الإسلام الصحيح في نفوس الأجيال، وله جهود مشهودة في
مجال الدعوة الإسلامية وتثقيف المجتمع.
إرسال تعليق