MrJazsohanisharma

قَدْرُ مصرَ.. ومكانتها

بقلم: السيد سالم جابر الجازولي

شيخ الطريقة الجازولية، عضو المجلس الأعلى للطرق الصوفية

لا يستطيع أحدٌ أن يُنكر الدورَ الرئيسي والمحوريّ الذي تقوم به مصر- وهو واجبها الديني والقوميّ- تجاه القضايا العربية والإسلامية عامّة، وعلى وجه الخصوص القضيّة الفلسطينيّة، ولا مِنَّةَ في ذلك ولا تفاخُر، إنما من باب الاعتراف بفضل الله علينا، وتذكير للأجيال الجديدة، وتنبيه للغافلين من الأدعياء والحنجوريين (أصحاب الحناجر الذين يَجْعَرون ويعْوون ولا قيمة ولا وزْن لهم في عالِم الرجال!).

وليس مجالنا هنا استحضار التاريخ واستعادة سَرْد ما قدَّمته مصر- ومازالت- للقضية الفلسطينية، ولكن فقط لننظر ونُحلِّل الموقف المصري منذ أحداث السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، وكَشْفُها المبكِّر عن المخطَّط الخبيث الذي تمّ تدبيره بـ"لَيْلٍ حالِك السوَاد" لما يُراد بالمنطقة العربية كلّها، وإعادة تشكيل خريطة الشرق الأوسط بل العالم أجمع، سياسيًّا واقتصاديًّا وعسكريًّا وجغرافيًّا، من خلال تحالُفات وتكتّلات وتقسيمات بل "توزيعات استعمارية جديدة"، فيما يَشْبه "سايكس- بيكو" بشكل دولي!

وتسير مصر في مواجهتها وإفسادها لهذا المخطّط بكل قوَّتها وعلى كلّ المستويات، وتأتي في هذا الإطار، الزيارة الحالية التي يقوم بها الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" إلى مصر، واستَهَلَّها بجولةٍ، اصطحبه فيها الزعيم والقائد الرئيس عبدالفتاح السيسي، في أعرَق الشوارع المصرية بحيّ سيّدنا الحُسين وشارع خان الخليلي، وسط الشعب المصري العظيم، حيث حفاوة الاستقبال وكَرَم الضيافة على أصولها، ثم زيارة إلى جامعة القاهرة، قلعة العلم ومنارة وشُعْلة الحضارة المصرية الحديثة، وانتهاء بالاطّلاع عن كَثَبٍ، على الحدود الشرقية حيث رَفَح، والمأساة الإنسانية التي يُكابدها أشقّاؤنا الفلسطينيون في غزّة، من حصار وعدوان غاشم مستمر من عصابات الاحتلال الإسرائيلي، وسط صمْتٍ بل تجاهلٍ، وللأسف الشديد دعم أمريكي غربي للآلة الجُهنَّمية الإسرائيلية في حرب إبادة جماعية!

وتكتسبُ الزيارة الفرنسية أهمّية خاصّة، نظرًا لما تُمثِّله فرنسا من ثِقْلٍ سياسي أوروبيًّا ودوليًّا، وتاريخيًّا في علاقتها بالدول العربية وخاصّة دول الشام التي تواجه تحدّيات خطيرة، وانعكاس ذلك على إنهاء العدوان الإسرائيلي على غزّة، بل إقرار السلام والأمن في المنطقة العربية.

فضلاً عمّا تمثِّله فرنسا من توجُّه مصر نحو تنويع سلاحها وكسْر التقوْقع أو احتكار قُوَى بعيْنها على هذا المجال، إضافة إلى الارتباط الثقافي والحضاري منذ مؤسِّس مصر الحديثة محمد علي باشا، وبَعَثَاته العلمية.

وإن كانت مصر قد التزمت العقلانية وضبْط النفس إلى أقصَى درجة طوال الفترة الماضية، فيما يرتبط بالعدوان الإسرائيلي على غزّة، لعلَّ وعسَى أن يعود الغوغائيون والهمجيون وبَرَابِرة وتتار العصر، عن غيِّهم وضلالهم ويثوبوا إلى رُشدهم! لكن يبدو أن عِقَالَهم قد فَلَت وانقطع، فانطلقوا كالثيران الهائِجة، والوحوش الكاسرة!

فكان البيان الأخير لوزارة الخارجيّة المصريّة بالتهديد الصريح من أن الاستمرار في حرب الإبادة وأيّ محاولات لتنفيذ مخطّطات التهجير القسْري معناها التهديد المباشر للأمن القومي المصري، والإنهاء الفعلي لاتفاقية كامب ديفيد. بما يُنذر بعواقب وَخِيْمَة تحرِق الأخضر واليابس، ولن تُبقي ولن تَذَر، ولن يقتصر دمارُها على منطقة بأسْرِها إنما ستطول العالَم كلّه.

ولا يسعنا هنا إلا أن نَشُدَّ على يدِ الشعب المصري الأبيّ بوجوب التوحُّد والاصطفاف الوطني خلْف قيادته الوطنية وقوَّاته المُسلَّحة وشُرطته الباسلة، ووأْد أيّ مخطّطات للتخريب وبثِّ الفُرقة والفتنة ونشْرِ الشائعات، لنكون يدًا واحدةً دِفاعا عن الوطن.

فهذا هو قَدْرُ مصر وقَدَرُها الذي أراده الله سبحانه وتعالى لها طوال تاريخها العريق.

ولـ"تحيا مصر أُمُّ الدُنيا والعروبة والإسلام والإنسانية".

0 تعليقات

إرسال تعليق

Post a Comment (0)

أحدث أقدم