MrJazsohanisharma

المصريون نسيج وطني واحد.. في صحن الكنيسة


احتفالات عيد القيامة المجيد:

الجبة والقفطان والحجاب.. تتلاقى مع القلنصوة والاحتشام

الاصطفاف الوطني.. على قلب رجل واحد خلف الرئيس السيسى

الشعب "سبيكة واحدة" في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية

رفض جماعى لـ"تهجير" الفلسطينيين.. واتفاق على "التعمير"

الإمام الأكبر: المناسبات تجدد الأخوَّة.. وتؤكد قوة النسيج الوطني

البابا تواضروس: وحدتنا.. سر قوتنا وبقائنا

د. أندريه زكي: مصر نموذج فريد.. في التماسك الوطني وقبول الآخر

الأنبا مكارى: المحبة تربط أبناء الوطن الواحد

د. عبدالهادي القصبي: أعيادنا وطنية.. تعكس روح المحبة والتآخي

د. يوسف سمير: الاحتفال بـ"أيقونة" القيم العليا

سالم الجازولي: بالقيم الإنسانية النبيلة نبني مستقبلا أفضل

مصطفى ياسين

كما تعانق الهلال مع الصليب، تلاقت الجبة والقفطان والحجاب مع القلنصوة والاحتشام، على أرض الكنانة والمحبة والسلام، مصر أم الدنيا، منذ قديم الزمان، حين تشرفت وتكرمت بتجلي المولى عز وجل على بقعة مباركة من طور سيناء، كما احتضنت الأنبياء والرسل من سيدنا مصرايم إبن سيدنا نوح، ثم سيدنا إدريس، فسيدنا يعقوب ويوسف وموسى وهارون وعيسى وأمه مريم العذراء، ثم مرور سيدنا رسول الله؛ صلى الله عليه وآله وسلم، على سيناء في رحلة الإسراء والمعراج.

ففي أجواء يسودها الفرح الروحي والوحدة الوطنية، تجمع المصريون، بمختلف طوائفهم وفئاتهم وطبقاتهم، في صحن الكنيسة وتحت سقفها في "قاعة الرعية"، للاحتفال بعيد القيامة المجيد، في مشهد يجسد النسيج الوطني المصري.

صلاة البابا

صلى قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، قداس عيد قيامة السيد المسيح في الكاتدرائية المرقسية بالأنبا رويس، بمشاركة سبعة من الآباء الأساقفة، ووكيل البطريركية بالقاهرة، والآباء كهنة كنائس منطقة الأنبا رويس، وعدد من الآباء الكهنة والرهبان، ورهبان من الكنيستين الإثيوبية والإريترية وخورس شمامسة الكلية الإكليريكية اللاهوتية بالأنبا رويس. وبدأت صلوات القداس مساء السبت وانتهت في الساعات الأولى من صباح الأحد.

ودخل موكب قداسة البابا إلى الكنيسة الكبرى بالكاتدرائية ومعه الآباء الأساقفة يتقدمهم خورس الشمامسة وهم يرتلون ألحان استقبال الأب البطريرك، وتفاعل أبناء الكنيسة، الذين امتلأت جنبات الكاتدرائية بهم مع قداسة البابا لدى دخوله إلى صحن الكنيسة، وكذلك أثناء دورة القيامة.

شهد القداس مشاركة العديد من المهنئين على رأسهم اللواء أركان حرب أحمد على رئيس ديوان رئيس الجمهورية مندوبًا عن فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، ووكلاء مجلسي النواب والشيوخ ووزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مندوبًا عن د. مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، ووفد من قادة القوات المسلحة ووفد من قيادات وزارة الداخلية، والمستشار بولس فهمي رئيس المحكمة الدستورية العليا.

كما حضر القداس للتهنئة وزراء: البيئة والشباب والرياضة، التموين، التنمية المحلية، الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، الطيران المدني، الزراعة، قطاع الأعمال العام، العمل، التربية والتعليم والتعليم الفني، البترول والثروة المعدنية، ومحافظ القاهرة، إلى جانب ممثلي العديد من المؤسسات والهيئات والأجهزة الرسمية بالدولة وعدد من أعضاء المجالس النيابية، ورؤساء وممثلي بعض الأحزاب السياسية، ومندوبي عدد من النقابات والجامعات وقيادات الإعلام والصحافة، وسفراء بعض الدول الأجنبية، والشخصيات العامة.

الوطن الواحد

وقدم نيافة الأنبا مكاري، الأسقف العام للكنائس، الشكر للمهنئين باسم قداسة البابا والمجمع المقدس والهيئات القبطية. حيث هنأ الكنائس القبطية في مصر والخارج، ولكافة أبناء الكنيسة الشباب والكبار والأطفال.

وشكر نيافته فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي لإرساله برقية تهنئة رقيقة بالعيد عبر فيها عن صدق مشاعر الود والمحبة التي تربط أبناء الوطن الواحد متمنيًا موفور الصحة والسعادة لقداسة البابا ولمصرنا الغالية مزيدًا من التقدم والرخاء، كما أرسل فخامته برقية مماثلة للمصريين المسيحيين المقيمين بالخارج.

عظة القداس

بدأ قداسة البابا عظة القداس بتوجيه تحية القيامة "خريستوس آنيستي" أي المسيح قام، على أبناء الكنيسة الحاضرين، وأجابوه برد التحية "آليثوس آنيستي" أي بالحقيقة قام، ثم هنأ الكنائس والإيبارشيات خارج مصر في كل قارات العالم وفي مصر والآباء المطارنة والأساقفة والكهنة والشمامسة وكافة أبناء الكنيسة في مصر وبلاد المهجر بعيد القيامة، وتناول قداسته في عظة القداس "مفاعيل القيامة وأهميتها في حياة الإنسان" من خلال أحد مشاهد القيامة، وهو عندما جاءت المريمات لوضع الحنوط والأطياب على جسد السيد المسيح في فجر الأحد (يوم القيامة)، وسألن فيما بينهن "مَنْ يُدَحْرِجُ لَنَا الْحَجَرَ" (مر ١٦: ٣).

وأشار قداسة البابا إلى أن خطية آدم وحواء (الإنسان الأول) امتدت إلى كل الأجيال، وصنعت حاجزًا أمام الإنسان، وصار التساؤل لدى كل البشر: مَنْ يدحرج لنا الأحجار، والتي تتمثّل في: المرض والجهل والفقر والحروب والعديد من المخاوف.

وشرح قداسته أثر الخطية في حياة الإنسان كالتالي: 

١- تجعل فكر الإنسان مظلمًا، كما فعل بيلاطس عندما حَكم على السيد المسيح وهو بار، وغسل يديه بالماء كشِبه مسرحية، "«إِنِّي لاَ أَجِدُ عِلَّةً فِي هذَا الإِنْسَانِ»" (لو ٢٣: ٤).

٢- تجعل ضمير الإنسان ضعيفًا، كما فعل يهوذا الذي خان السيد المسيح وسلّمه بقليل من الفضة.

٣- تجعل قلب الإنسان قاسيًا، كما فعل الفريسيون عندما شكّكوا في معجزة شفاء المولود أعمى، "أَعْلَمُ شَيْئًا وَاحِدًا: أَنِّي كُنْتُ أَعْمَى وَالآنَ أُبْصِرُ" (يو ٩: ٢٥). 

ثلاثة مفاعيل



وأوضح قداسة البابا أن القيامة جاءت لكي تزيل آثار الخطية من خلال ثلاثة مفاعيل، هي: 

١- تعطي "استنارة" بنور الله للفكر المظلم، فيصبح فكرًا صائبًا، "سِرَاجٌ لِرِجْلِي كَلاَمُكَ وَنُورٌ لِسَبِيلِي" (مز ١١٩: ١٠٥).

٢- تمنح الإنسان "استقامة" للضمير، "قَلْبًا نَقِيًّا اخْلُقْ فِيَّ يَا اَللهُ، وَرُوحًا مُسْتَقِيمًا جَدِّدْ فِي دَاخِلِي" (مز ٥١: ١٠).

٣- تمنح قلب الإنسان روح "البساطة" والرحمة، فالبساطة تجعل الإنسان مرتبطّا بالسماء بعيدًا عن هموم الأرض، لذلك نصلي دائمًا كيرياليسون (يا رب ارحم)، ونطلب الرحمة لنفوسنا ومن أجل أن نتعلم الرحمة لكل أحد.

وحدة المصريين

وشكر قداسته فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، على محبته وتهنئته ومشاركته الطيبة للمصريين المسيحيين، في مصر وكل بلاد العالم، كما شكر المسؤولين الذين قدموا التهنئة بكافة الطرق، داعيًا أن يديم الله المحبة بين كل المصريين، ويملأ القلوب بالسلام وسط الصرعات التي يشهدها العالم وأن يحفظ بلادنا ويحفظ الوحدة الموجودة على أرض مصر.

كان قداسة البابا تواضروس الثاني، قد سبق الاحتفال بعيد القيامة، بصلاة لقان وقداس يوم الخميس الكبير (خميس العهد) في دير الشهيد مارمينا العجائبي بمريوط، بالإسكندرية، بمشاركة نيافة الأنبا كيرلس آڤا مينا أسقف ورئيس الدير ومجمع رهبانه، وعدد من أبناء الكنيسة.

وبدأت الصلوات بصلاة باكر خميس العهد التي تشتمل على رفع بخور باكر، ثم باقي صلوات السواعي النهارية (الثالثة والسادسة والتاسعة)، تلاها صلاة اللقان، ثم القداس الإلهي، أعقبه صلاة الساعة الحادية عشرة من يوم الخميس، لتختتم بذلك صلوات يوم خميس العهد الذي يحتل فيه تأسيس سر الإفخارستيا المساحة الأكبر من قراءته وألحانه وصلواته.

ودعا قداسته إلى أن يجعل كل واحد خميس العهد فرصة لأن نجدد عهد التوبة مع الله وتكون حياتنا ملكًا له، فنكون أعضاء فاعلين في الكنيسة.

عظة القداس

وألقى قداسة البابا عظة القداس وأشار في بدايتها إلى أن أحداث يوم خميس العهد، وهي إتمام السيد المسيح الشريعة بأكل الفصح، وغسل أرجل تلاميذه، وتأسيس سر الإفخارستيا الذي يعد قدس أقداس العبادة المسيحية، والحديث الوداعي لتلاميذه في العلية، ثم تسليم يهوذا المسيح لليهود بقبلة غاشة، والقبض على السيد المسيح.

وتناول قداسته ثلاثة أنواع من المحبة، وهي:

١- محبة عن بعد: وهي بالطبع محبة نظرية.

٢- محبة عن قرب: وهي محبة عملية، تتدفق فيها المشاعر.

٣- محبة عن عمق: وهو النوع الأسمى من المحبة وهي داخلية قلبية فيها اتحاد وامتزاج، وهي المحبة التي أحبنا المسيح بها. وبالتناول نصير أعضاء في جسد المسيح.

أبناء المهجر

كما هنأ قداسته، أبناءه في المهجر بعيد القيامة المجيد، وذلك من خلال الرسالة البابوية التي يرسلها لهم سنويًّا، في إطار دعم التواصل بين الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وأبنائها في قارات العالم الست. وتمت ترجمة الرسالة لـ ٢٦ لغة مختلفة لتتناسب مع اتساع البلاد التي تخدم فيها الكنيسة القبطية الأرثوذكسية واللغات التي يتحدثها أبناؤها.

كما صلى قداسته، صلوات الجمعة العظيمة في الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، بمشاركة خمسة من الآباء الأساقفة العموم المشرفين على القطاعات الرعوية بالقاهرة، وكهنة كنائس الكاتدرائية، وخورس شمامسة الكلية الإكليريكية بالأنبا رويس. وشهدت الكاتدرائية حضورًا شعبيًّا كبيرًا امتلأت جنباتها بهم.

احتفال الإنجيلية

وفي الكنيسة الإنجيلية بمصر الجديدة، وعلى ترانيم وصلوات المايسترو ناير ناجي، السوبرانو دينا إسكندر، ومدرب الصوت شريف الضبع وفريق الحياة الأفضل، احتشد المصريون للاحتفال بحضور ممثل الرئيس عبدالفتاح السيسي، السيد حسام زعتر، أمين رئاسة الجمهورية، ود. إبراهيم صابر، محافظ القاهرة، نائبا عن رئيس مجلس الوزراء د. مصطفى مدبولي.

قدم الصلاة الافتتاحية القس د. جورج شاكر نائب رئيس الطائفة الإنجيلية، والقراءة الكتابية القس د. عزت شاكر رئيس سنودس النيل الإنجيلي، راعي كنيسة مدينة نصر، وصلاة بقيادة د. إيهاب طناس، المفوض العام لكنائس الإخوة.


وسط برقيات وحضور المستشار عدلي منصور، الرئيس السابق، المستشار حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب، المستشار عبدالوهاب عبدالرازق، رئيس مجلس الشيوخ، المستشار بولس فهمي، رئيس المحكمة الدستورية العليا، الفريق أول عبدالمجيد صقر، وزير الدفاع والإنتاج الحربي (أناب اللواء محمد علي سيد)، اللواء محمود توفيق، وزير الداخلية (أناب اللواء جعفر عمران)، اللواء حسن رشاد، رئيس جهاز المخابرات العامة (أناب اللواء رانيا غريب والعقيد محمد رضوان)، شيخ الأزهر فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب (أناب د. محمد أبو زيد الأمير)، قداسة البابا تواضروس الثاني (أناب نيافة الأنبا إكليمندس، القمص سرجيوس سرجيوس، د. جرجس صالح)، فضلاً عن حضور وزاري ومحافظين، أبرزهم: د. ياسمين فؤاد وزيرة البيئة، د. أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة، المستشار محمود فوزي وزير الشؤون النيابية، د. منال عوض وزيرة التنمية المحلية، د. سامح الحفني وزير الطيران المدني، د. أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، د. مايا مرسي وزيرة التضامن الاجتماعي، د. علاء الدين فاروق وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، المهندس محمد إبراهيم شيمي وزير قطاع الأعمال، المهندس محمد جبران وزير العمل، أحمد المسلماني رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، محمد أبو العينين وكيل مجلس النواب. والمحافظون: د. محمد هاني غنيم (بني سويف)، المهندس أيمن محمد عطية (القليوبية)، د. أيمن الشهابي (دمياط)، المهندس حازم الأشموني (الشرقية)، اللواء أحمد خالد حسن (الإسكندرية، أناب عنه المقدم مينا خلف)، د. جاكلين عازر (البحيرة، أنابت د. حازم الديب)، وغيرهم من نواب ومساعدي المحافظين الحاليين والسابقين.

ومن الشخصيات البارزة: السفيرة هيرو مصطفى سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية، السفيرة مشيرة خطاب رئيسة المجلس القومي لحقوق الإنسان، المستشارة أمل عمار رئيسة المجلس القومي للمرأة، السفير أمجد العضايلة، سفير الأردن، نقيب السادة الأشراف السيد محمود الشريف، ونقباء الأطباء، المحامين، الإعلاميين، الصحفيين، إضافة إلى عدد من رؤساء الأحزاب، وأعضاء مجلسي النواب والشيوخ، والمفكرين، ورجال الأعمال.

كما حضر ممثلو الكنائس المختلفة، وأساقفة الطوائف المسيحية، من الكنيسة المارونية، الأرثوذكسية، الأسقفية، والكنائس الإنجيلية، إلى جانب ممثلين عن الأزهر، والأوقاف ودار الإفتاء، والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية.


التلاحم الوطني

عبر القس د. أندريه زكي، رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر ورئيس الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية، عن عميق امتنانه للدولة المصرية وقياداتها، ولجموع المشاركين من الشخصيات الوطنية والدينية والإعلامية، تقديرًا لدورهم في تأكيد روح المحبة والتلاحم الوطني، مشيدًا بدور الرئيس المحوري في تحقيق السلام والاستقرار الذي تنعم به مصر، رغم التحديات الإقليمية والدولية. ودور الحكومة في دعم قيم المواطنة والعمل العام.

وأكد د. أندريه أن الرئيس يلعب دورا مهما ورئيسيا لتحقيق التقدم والازدهار والسلام للمنطقة كلها بل العالم أجمع. وإدراكا منا لحجم التحديات والصعوبات الداخلية والخارجية والصراعات في الشرق الأوسط، نقف صفا واحدا خلف قيادتنا لرفض التهجير القسري أو حتى الطوعي لأشقائنا الفلسطينيين من أرضهم.

ووصف د. أندريه أن احتفال هذا العام يُجسد روح القيامة كدعوة للحياة الجديدة، والأمل، والتجدد، مشيرًا إلى أن مصر تبقى نموذجًا فريدًا في التماسك الوطني وقبول الآخر.

واقع شرق أوسطيّ

وتحدث د. أندريه زكي، عن "القيامة في زمن التحديات"، قائلا: المسيح قام! حقًّا قام! لكن، وبينما نُعلن هذه التحية القديمة المملوءة بالرجاء والنصرة، لابد أن نعترف بأن منطقة الشرق الأوسط تمتلئ بالتحديات والصراعات المؤلمة.

وهنا يبرز التساؤل الأهم: كيف نحتفل بالقيامة وسط التحديات؟ وما هو الواقع الذي يتحدانا اليوم؟

ويجيب د. أندريه: نحتفل هذا العام بعيد القيامة وسط أزمات متلاحقة: في غزة: الأحياء تحوّلت إلى أنقاض، والعائلات تعيش وسط الدمار، وقد خلّفت الحرب عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى.

في سوريا: ملايين يعيشون في خيام أو بيوت مهدَّمة بلا كهرباء أو مياه.

في لبنان: أزمة مالية خانقة، وغلاء أسعار، وهجرة شبابية جماعية.

في العراق: مجتمعات ما زالت تحاول التعافي من دمار العنف.

اللاجئون: ملايين يعيشون في الخيام، يعتمدون على المعونات، ويحتفلون بالعيد بعيدًا عن أوطانهم.

هذه ليست مجرد إحصاءات؛ بل قصص أناس نعرفهم: جيراننا وأقاربنا.

ورغم كل ذلك، نرفع الشكر لله من أجل بلادنا، مصر، ومن أجل سلامها واستقرارها رغم التحديات الداخلية والخارجية. فستظل مصر بلد الأمان والتماسك.

دعوة للتغيير

أضاف د. أندريه: القيامة دعوة إلى التغيير، دعونا نعود إلى كلمة الله في رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس (5: 17):

> "إذًا إن كان أحد في المسيح، فهو خليقة جديدة: الأشياء العتيقة قد مضت، هوذا الكل قد صار جديدًا."

هذه الآية تُلخّص جوهر رسالة القيامة: لأن يسوع قد قام من بين الأموات، فإن كل من هو فيه يُصبح إنسانًا جديدًا.

القيامة ليست حدثًا تاريخيًّا فقط، بل عمل مستمرّ في الحياة اليومية.

أن "تعيش القيامة" يعني أن حياتك وهويتك ومستقبلك قد تغيّروا جذريًّا.

التغيير الذي تمنحه القيامة ليس رمزيًّا، بل حقيقي يشمل النفس، والعلاقات، والاتجاه، والرجاء.

السياق الخارجي: مدينة كورنثوس كانت غنيّة ظاهريًا، لكنها منقسمة داخليًا، مليئة بالفساد والانحلال، وتُمجّد القوة وتحتقر الضعفاء.

السياق الداخلي: الكنيسة نفسها كانت تصارع الانقسامات، وتواجه الشكوك في القيادة، والتحديات من كل جانب.

ورغم كل ذلك، يكتب بولس: > "أنتم لستم ما كنتم عليه... أنتم خليقة جديدة."

رسالة في وسط الألم

قوة كلمات بولس تنبع من أنها كُتبت وسط الألم، لا من قصر مريح.

كتبها وهو مرفوض ومُضطهد، لكنه آمن من كل قلبه أن قيامة المسيح غيّرت كل شيء.

وهكذا يتحدى واقع كورنثوس واقعنا في الشرق الأوسط اليوم، حيث نواجه التحديات الاقتصادية، والصراعات، والقلق، والإقصاء.

لكن تبقى القيامة تعلن: "في المسيح نحن خليقة جديدة."

سرُّ القيامة

تابع د. أندريه: هذا هو سرُّ القيامة، الله لا ينتظر تحسُّن الظروف ليُجري التغيير. بل يُقيم الحياة من الموت، ويخلق نورًا في قلب الظلام، وينبت رجاءً في الأرض اليابسة.

وتساءل د. اندريه: كيف نعيش كخليقة جديدة؟

1. ترك الحياة القديمة: > "الأشياء العتيقة قد مضت." يشمل ذلك الخطيئة، لكن أيضًا المرارة، والخوف، واليأس. كما ترك المسيح الأكفان في القبر، نحن مدعوون لترك أنماط فكرية قديمة مصدرها الألم.

2. الهوية الروحية الجديدة: هذه الهوية ليست شعارًا، بل مصدر كرامة وثبات، ودافع لخدمة الآخرين.

3. جماعة لها رسالة: نحن سفراء عن المسيح، نحمل رسالة المصالحة. كل عمل محبة، وكل غفران، وكل خدمة للآخرين، هو مشاركة في تجديد العالم.

4. جماعة لها رجاء: رجاء القيامة ليس تفاؤلًا ساذجًا، بل إيمان بأن الله قادر أن يقيم الحياة من الموت. الموت ليس له الكلمة الأخيرة. القيامة لا تُنكر الألم، بل تعلن أن الله يعمل رغم الألم، وأن فجرًا جديدًا آتٍ.

الرجاء والألم

واختتم د. أندريه قائلا: الرجاء في زمن الألم، هذه هي رسالة عيد القيامة لنا في منطقة الشرق الأوسط. في المسيح، نحن خليقة جديدة. الأشياء العتيقة قد مضت. والخوف والانكسار واليأس لا يملكون السيادة. هوذا، الكل قد صار جديدًا. آمين.

أيقونة القيم

أشار القس د. يوسف سمير، راعى كنيسة مصر الجديدة، إلى أن الاحتفال بعيد القيامة إنما هو احتفال برمز وأيقونة ومثال لكثير من القيم العليا، فهو مثال المحبة على مر العصور والأجيال، أسس امبراطوريته على المحبة، وقد ذكر في القرآن الكريم بأنه حب وجمال ونقاء، ونموذج التقوى والنقاء، وقيمة التضحية والألم الطوعى ليفتدى العالم.

تهنئة أزهرية

من جانبه هنأ فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر، خلال اتصال هاتفي، قداسةَ البابا ‏تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، بمناسبة عيد القيامة.‏ وأعرب فضيلته عن تهنئته وتمنياته الطَّيبة لجميع الإخوة المسيحيين، مؤكدًا أنَّ ‏هذه المناسبات فرصةٌ طيبةٌ لتجديد أواصر الأخوَّة والألفة والمحبة بين أبناء الوطن، وتأكيد قوة النسيج الوطني المصري.

وتناول الاتصال، الحديثَ عن الأوضاع المأساويَّة في غزة؛ حيث أكَّد شيخ الأزهر وقداسة البابا تواضروس رفضَهما لما يتعرَّض له إخوتنا في غزة من عدوان صهيوني لم يسبق له مثيل في تاريخ الحروب والصراعات، داعينَ المولى عزَّ وجلَّ أن ينصر الفلسطينيين، وأن يرفع عنهم هذا البلاء، وأن يحفظ لهم وطنهم وأرضهم.

وتهنئة "صوفية"

كما حرصت المشيخة العامة للطرق الصوفية بقيادة د. عبدالهادي القصبي، رئيس المجلس الأعلى للطرق الصوفية، على تقديم التهاني القلبية إلى الإخوة الأقباط بمناسبة عيد القيامة المجيد، متمنين لهم دوام الصحة والسعادة، ولمصرنا الحبيبة مزيدًا من التقدم والوحدة والاستقرار.

وأكد "د. القصبي" أن أعياد المصريين، بمختلف أطيافهم، هي أعياد وطنية تعكس روح المحبة والتآخي بين أبناء الشعب المصري، مشددًا على أن وحدة الصف الوطني هي الحصن المنيع في مواجهة التحديات، وهي الضمانة الحقيقية لتحقيق مستقبل أفضل لأبناء هذا الوطن العظيم.

ودعا بأن يعيد الله هذه المناسبة على مصر وشعبها بمزيد من الخير والأمن والسلام.

قيم المحبة


من جانبه تقدم السيد سالم الجزولي، شيخ الطريقة الجازولية وعضو المجلس الأعلى للطرق الصوفية، برسالة تهنئة الي الأخوة الأقباط أكد فيها: إن هذا العيد يمثل فرصة للتأمل في قيم المحبة والسلام، وهي قيم تجمعنا جميعًا كمصريين، بغض النظر عن دياناتنا. إن الروح الطيبة التي تسود بين المسلمين والمسيحيين في مصر هي دليل على عمق تاريخنا المشترك. لقد عشنا معًا لقرون، وواجهنا التحديات سويًا، وتعاوننا في بناء وطن يزخر بالتنوع والتسامح.

وأكد أهمية تعزيز أواصر الأخوة والمحبة بين جميع أبناء الوطن. لأن التسامح هو أساس العيش المشترك، وعلينا جميعًا أن نعمل على نشر روح السلام والتفاهم في مجتمعنا. دعونا نحتفل معًا بالقيم الإنسانية النبيلة التي توحدنا، ونعمل على بناء مستقبل أفضل لأجيالنا القادمة.

0 تعليقات

إرسال تعليق

Post a Comment (0)

أحدث أقدم