MrJazsohanisharma

هل توقع أذربيجان وأرمينيا اتفاق سلام بينهما قريبا؟

بقلم: د. شيخعلي علييف

كاتب صحفي أذربيجاني

أعلنت أذربيجان وأرمينيا على لسان وزيري خارجيتهما إتمام مفاوضات حول نص مشروع "اتفاق سلام وإقامة علاقات بينهما"، بعد فرض الأولى سيطرتها الكاملة على أراضيها وعودتها الى سيادتها التامة، التي فقدتها نتيجة احتلال أرميني دام 30 عاما. 

في هذا السياق، قال وزير الخارجية الأرميني ان اتفاق السلام جاهز للتوقيع وأن أرمينيا مستعدة لبدء مشاورات مع أذربيجان بشأن موعد ومكان التوقيع.

وجاء في بيان نشرته وزارة الخارجية الأذربيجانية ان الطرفين توصلا الى اتفاق حول كل بنود مشروع اتفاق سلام. كما يبدو ان هذا خطوة كبيرة الى الأمام لحل القضايا العالقة بين الدولتين.  

يجب الذكر ان المفاوضات حول نص الاتفاق كانت تجرى منذ سنة تقريبا على 17 بندا وتم الاتفاق على 15 منها دون بندين. وفي نهاية المطاف انجز الطرفان الاذري والأرميني في التوصل الى حل وسط في أمرين وهما التنازل المتبادل عن التقاضي ضد بعضهما بعضا في المحاكم الدولية والامتناع المتبادل عن نشر قوات الأطراف الثالثة على طول الحدود بين البلدين. وهذان الطلبان ليسا جديدين والجانب الأذربيجاني يطرحهما منذ بدء المفاوضات. أما موضوع فتح طرق النقل بينهما فتم رفعها من نص الاتفاق بطلب من أرمينيا وسيناقش على حدة.

في جانب آخر، لقي خبر إنجاز المفاوضات على نص الاتفاق ترحيبا دوليا واسعا وحتى حثت بعض الدول الكبرى الطرفين على توقيع وثيقة قريبا. لكن الأمر لا يبدو سهلا كما يراه البعض. بلغت وزارة الخارجية الأذربيجانية ان موقف أذربيجان ثابت ومبدئي من توقيع اتفاق سلام بين البلدين هو تعديل الدستور الأرميني الذي يحتوي على مزاعم على سيادة ووحدة أراضي أذربيجان والتقدم المشترك للقضاء على مجموعة منسك المنبثقة عن منظمة الأمن والتعاون الأوروبي، تلك المجموعة التي فشلت تنفيذ مهمتها للمساهمة في تسوية النزاع بين البلدين. تعلن أذربيجان ان هذا شرط رئيسي لتوقيع اتفاق.

من جانب اخر، لا تثق أذربيجان في كلمات رئاسة أرمينيا وتريد توثيق كل الخطوات من خلال توقيع اتفاق شامل. كما قال الرئيس الأذربيجاني في كلمة ألقاها في منتدى باكو العالمي ان تصرفات قيادة أرمينيا بعد عام 2020 وفي اطار عملية المفاوضات وقبيل مؤتمر الأطراف كوب أدت الى فقدان الثقة عليها كدولة. باكو الرسمية تنظر لا في الاقوال بل الأفعال.

وسط التغيرات الجيوسياسية تتغير سياسة أرمينيا أيضا وهذا يعلمه رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان الذي يبدو أنه يسعى الى اتخاذ موقف بناء في إقامة علاقات بين الدولتين. واعلن رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان مؤخرا ان بلاده مستعدة لقبول دستور جديد له. كل هذا يدل على ان أرمينيا تريد توقيع الاتفاق في أقرب وقت ممكن. له أسبابه ومنها تريد أرمينيا ان تخرج من المخرج الذي وضعت نفسها فيه بسبب احتلال أراضي جارتها والاندماج الى مشاريع اقتصادية هائلة تنفذ في المنطقة خاصة من قبل تركيا وأذربيجان وجورجيا والانتفاع بهذه المشاريع.

ومن الواضح ان توقيع الاتفاق لن يحدث قريبا. ومن المرجح ان الاتفاق لن يوقع حتى نهاية السنة. حيث ان أرمينيا تحتاج الى اجراء استفتاء عام لتعديل دستورها. ونتائج الاستفتاء ضرورية لتقييم موقف المجتمع الأرميني تجاه السلام والاستقرار في المنطقة وهذا سيتطلب منها وقتا معينا. الى جانب ذلك، ستعقد قمة المجلس الوزاري لمنظمة الامن والتعاون الأوروبي، التي تنبثق منها مجموعة منسك، في ديسمبر هذا العام في بروكسل. ويمكن طرح مسألة إلغاء هذه الآلية في اطار هذه القمة.  

كذلك من الأمور الأكثر أهمية هو موقف الرأي العام في أرمينيا. على رئاسة أرمينيا ان تبلغ مجتمعها أهمية توقيع اتفاق السلام مع أذربيجان. وهذا ضروري أيضا للمضي قدما في هذا المسار. امام باشينيان وحكومته مهمة كبيرة وهو تبليغ المجتمع أهمية المصالحة مع الدولة الجارة و التعايش السلمي معها. من المخطط اجراء الانتخابات التشريعية في أرمينيا عام 2026. ستظهر نتائج الانتخابات أيضا موقف المجتمع الأرميني ورؤيته المستقبلية للبلد. وهذا عنصر مهم جدا في عملية السلام. 

يجب الإشارة الى ان اتفاق سلام يسعى الطرفان الى توقيعه لا يحل كل المسائل العالقة حاليا بين البلدين. مع هذا فيمكن وصفه بباب سيدخل كلا البلدين من خلاله الى مرحلة تالية وهي ترسيم الحدود بين الدولتين ومسائل متعلقة بفتح طرق الاتصالات والمواصلات بينهما ومصير المفقودين وغيرها. حل كل هذه المسائل يحتاج الى وقت معين.

0 تعليقات

إرسال تعليق

Post a Comment (0)

أحدث أقدم