طيب القول.. بقلم: مصطفى ياسين
ابْتُلِيَت مجتمعاتُنا بِشِرْذِمَة فَقَدت صوابها وضَلَّت عن الطريق المُستقيم، وراحت تروِّج لأفكار وسلوكيات غريبة بل مرفوضة دينيًا واجتماعيًا وتأباها الفِطْرَة الإنسانيّة السليمة!
أولئك الفئة تخرُج علينا بين الفِيْنَة والأخرى، وتفضح نفسها بنفسها، وتكشف
سَتْرَ اللهِ عنها وقد سَتَرَها إلا أنّها تأْبَى السَتْرَ وتُجاهِر بارتكابها
المعصيّة وهى تدَّعى ممارسة حُرِّيَّتها الشخصيّة! ولا يَفْرِق معها إذا كانت هذه
الممارسات تخالِف الدين أو العُرف أو التقاليد والعادات الاجتماعيّة المُستقرَّة
والتى تعارَفت عليها الأجيال المتعاقبة.
وما يُعرف بـ"التريند" مليئ بمثل تلك الأفعال والممارسات الغريبة
والشاذّة عن مجتمعاتنا وأخلاقيّاتنا، وإن شئنا الحقيقة فإن أولئك النَفَر إنما
يفعلون ويروِّجون لتلك الممارسات من أجل الحصول على "التريند" الذى أصبح
بالنسبة لهم "حالة جنونية هِستيرية" يتصارعون حول الوصول إليها بشتّى
السُبُل- المشروعة وغير المشروعة، المعقولة واللامعقولة- حتّى وإن ارتبطت
بـ"السُمْعَة والسيرة" التى ستظل تُلاحقهم مهما تعاقبت العصور، لكن يبدو
أن "الحَيَاء" أصبح فى "خَبَرِ كان"، والحِشْمَة والخَجَل
والاحترام صار من الزمن القديم!
وأحدث تلك "الافتكاسات" أو "الخُرُوجات اللاأخلاقيّة"
الترويج لما يُطْلِقون عليه "المُسَاكَنَة"، وتعنى "سَكَن الرجل
والمرأة تحت سقف بيت واحد، دون عَقْدٍ شرعى ولا حتى عرفى، ويمارسان حياتهما
الزوجية ثم يعود كل منهما من حيث أتى وكأن شئيا لم يكن! دون أدنى التزام من أحدهما
تجاه الآخر!".
فكيف يتصوَّر أصحاب هذه العلاقة أنفسَهم فى نظرهم هُمْ وليس غيرهم؟! وما
مصير ومستقبل ما قد ينتج عن هذه العلاقة؟! لا شك أنّ الأمر كلّه "خُبْص"
وصورة غير مشروعة دينيًا ولا مقبولة اجتماعيًا، ولا يمكن وصفها إلا بأنها "زِنَا
صريح"!
ثم هل يقبَل أحدُنا على أخته أو ابنته أو أى فتاة أو سيّدة قريبته، أن تكون
فى هذا الموقف؟! وهل يمكنها إقامة حياة زوجيّة مستقبَلا مع غيره إذا تفرَّقا؟! إن
تلك الحياة المترتّبة على "المُساكنة" أقرب إلى "البهيمية"
منها إلى الإنسانيّة النقيّة.
وعودة إلى هاوية "التريند" والتى جعلت بعض المصابين بـ"دائه"،
يتّفقون على تمثيل مشهد خَطْف عريسٍ ليلة زفافه، ويُثيرون الهَلَع والفَزَع
والفتنة فى المجتمع! وغير ذلك كثير من الانهيارات الأخلاقية والتدنّى السلوكى فى
المعاملات والألفاظ الهابطة التى تحملها "الشَبَكة العنكبوتية"، وتصيب
المجتمع فى مَقْتَل نتيجة التدنّى الأخلاقى والتفسُّخ فى العلاقات الاجتماعيّة.
مثل تلك الأفعال والممارسات والأفكار الغريبة والشاذّة التى يرتكبها البعض-
سواء بـ"وعى" أو دون- تتطلّب "وَقْفَة مجتمعيّة" من الحكماء
والعقلاء، لـ"فَرْمَلَة" تلك الفئة التى تُسْرِع بنا نحو الهاوية، حتى
لا نكون كأصحاب السفينة التى ضربها لنا مثلا سيّدنا رسول الله- صلى الله عليه وآله
وسلم- فيما رواه النعمان بن بشير- رضى الله عنه- فى صحيح البخاري: "مَثَلُ القائِمِ
علَى حُدُودِ اللَّهِ والواقِعِ فيها، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا علَى
سَفِينَةٍ، فأصابَ بَعْضُهُمْ أعْلاها وبَعْضُهُمْ أسْفَلَها، فَكانَ الَّذِينَ في
أسْفَلِها إذا اسْتَقَوْا مِنَ الماءِ مَرُّوا علَى مَن فَوْقَهُمْ، فقالوا: لو
أنَّا خَرَقْنا في نَصِيبِنا خَرْقًا ولَمْ نُؤْذِ مَن فَوْقَنا، فإنْ
يَتْرُكُوهُمْ وما أرادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وإنْ أخَذُوا علَى أيْدِيهِمْ
نَجَوْا، ونَجَوْا جَمِيعًا".
فاللهم احفظنا بديننا وأخلاقنا، وأحسن ختامنا.
إرسال تعليق