صدر حديثا ترجمة "رواية صلاح الدين" باللغة الأردية للكاتب والأديب الهندي قاضي عبدالستار، وهو أحد أكبر كتاب الرواية في اللغة الأردية، له العديد من المؤلفات القصصية، ولد في "الهند" عام1933م، وتوفي 2018م.
أوضح د. أحمد القاضي، أستاذ اللغة الأردية المتفرغ بجامعة الأزهر الذي قام بالتقديم ومراجعة الترجمة، أن شخصية "صلاح الدين الأيوبي" تتمتع بمكانٍ ومكانة في العالم الإسلامي، والغربي على السواء، لما أحرزه للشرق وللإسلام بصفة خاصة من نصر في نضاله ضد الحروب الصليبية، وليس هناك أجدر بالبحث التاريخي من حياة العظماء، لما فيها من عِبر وعظات، وأحداث وحوادث وشخصيات.
أضاف: في ضوء ما يحدث الآن في "فلسطين"، يجدر بنا أن نتذكر شيئًا عن شهامة "صلاح الدين محرر بيت المقدس" من أيدي المغتصبين، وما يفعله الهمجيون في فلسطين الآن تحت مرأى ومسمع من الجميع.
وهنا يبرز سؤال مهم، وهو لماذا اختار" قاضي عبدالستار" "صلاح الدين"؟ وللإجابة عن هذا السؤال نقول: إن اختياره لـ"صلاح الدين" لم يكن إلا لتوضيح الصراع السياسي بين حضارتين تتصارعان على النفوذ والسيطرة؛ "الحضارة الشرقية والحضارة الغربية"، لكي يضفي بهذا الصراع نوعًا من الواقعية على ما يحدث في شبه القارة الهندية وغيرها بين طوائف الملّة الواحدة.
كما يكشف هذا الاختيار أيضًا عن حقيقة أن الكاتب يؤمن بأن الدين والعقيدة هما السلاح الذي يستطيع رجال السياسة، أو رجال الدين من خلاله استغلال الشعوب، وفي سبيله يضحي الإنسان بأقرب الناس إليه.
يأتي إسقاط الكاتب لمشكلات عصره على جو الرواية التاريخية بغير وعي منه أحيانًا، إذ نراه متأثرًا على الأقل في اختيار موضوع روايته باحتياجات مرحلته، وأزمات بني جلدته الخاصة والعامة، ويبدو الأمر وكأنه يستمد تجربته الاجتماعية المعاصرة، ويخلعها على بيئة تاريخية تناسب هذه التجربة، فواضح كل الوضوح من جو الرواية أن الكاتب يبحث ويأمل أن تأتي في المستقبل شخصية مثل "صلاح الدين" تأخذ بأيديهم إلى الأمام نحو التقدم، وهذا ما يفتقده المسلمون في "الهند"، وخارجها.
وأجمل ما في الرواية كما يشير د. القاضي بأن الكاتب أحسن صنعًا حين ركز على أهمية دور بلاد "الشام"، و"مصر" في الذود عن البلاد والعباد، والتصدي للمعتدين، وأنه لا يمكن تأمين إحداهما دون الأخرى، وكأنه يبصرنا بواقعنا، ويقدم لنا رؤية لمستقبلنا، فالرواية من هذه الناحية تعتبر جهدًا إبداعيًا يضاف إلى تراث الرواية الأردية.
وعلى أية حال فإن المؤلف قد حمّل الماضي وجهة نظر معاصرة، وهي أن الانتماء إلى بقعة من الأرض لا يرتبط بوحدة العقيدة، بل بالتعاون جنبًا إلى جنب لدرء العدوان الأجنبي، وهكذا تثبت شخصية "صلاح الدين الأيوبي"، وسيرته أن القوة والتعصب، والتخلي عن الهوية لا تصنع البطولة، إذ لم تقترن بالمروءة والتسامح، ومكارم الأخلاق.
إرسال تعليق