أطلقت الشبكة الدولية لدراسة المجتمعات العربية، برئاسة د. ماريز يونس، من لبنان، مبادرة "قوتنا بوحدتنا"، بدعم عربي وحراك أكاديمي وإعلامي، سعيا منها إلى توحيد الجهود البحثية والعلمية والإعلامية وبناء جسور معرفية من كل المثقفين في العالم العربي لمواحهة هذه اللحظة التاريخية الفارقة التي تشهدها فلسطين ولبنان والمنطقة العربية والعالم. حيث تجد الشبكة الدولية لدراسة المجتمعات العربية (إيناس) نفسها أمام مسؤولية معرفية وأخلاقية وانسانية لتقديم تحليل شامل وموضوعي لحرب الابادة الشاملة. فهذه الحرب ليست حربًا على فلسطين ولبنان فحسب، إنما هي حرب وجودية تعني كل فرد ومواطن وأكاديمي ومثقف وإنسان عربي، بل ربما كل إنسان لا يزال لديه مشاعر إنسانية. فنحن اليوم معنيون للقيام بأدوارنا ومسؤولياتنا تجاه ما يحدث من إبادة من العدو الإسرائيلي للإنسان والمكان والهوية والثقافة في كل المنطقة العربية، ولكل فكر حر.
قالت د. ماريز يونس: تدعو الشبكة كل الباحثين العرب لإعادة التفكير في مقارباتهم النظرية وإعادة تقييم أدواتهم المعرفية، من أجل التأسيس لبناء معرفة نقدية جديدة تتجاوز المقاربات المستهلكة التي تعيدنا الى الوراء وتعيد التاريخ نفسه. ومن هذا المنطلق، تأتي هذه المبادرة المعرفية والإنسانية والاخلاقية، لفتح منصة للتداول العلمي والنقدي، بهدف تحديد المداخل النظرية والمختلفة لقراءة هذه الحرب الاسرائيلية غير المسبوقة، ليس فقط من خلال الشجب والندب والادانة، ولكن أيضًا من خلال نقد الذات العربية والمواقف المتوارثة.
وتدعو الشبكة الباحثين العرب، من خلال مبادرة "قوتنا بوحدتنا" إلى تجاوز الخطاب التقليدي السائد الذي يركز على خطاب الضحية، والدخول في مرحلة جديدة من الخطاب النقدي المعرفي، الذي ينظر بعمق لفهم الجذور والمسببات لهذه االحرب الشاملة. نؤمن بأن الوقت قد حان لبناء معرفة نقدية جديدة، تقوم على هدم المعارف السابقة وإعادة البناء ، من أجل فهم أعمق وأكثر شمولية للحرب الجارية وتأثيراتها على المجتمعات العربية ومستقبل الانسانية عمومًا.
أضافت: آمالنا كبيرة على هذه المبادرة، التي انطلقت بفتح منصة للتداول المعرفي عبر تنظيم سلسلة من الندوات العلمية النقاشية، ، تتناول الأبعاد المعقدة للحرب الاسرائيلية الجارية على فلسطين ولبنان. وافتتحت الشبكة أولى نقاشاتها بفهم مسألة استهداف المدنيين كاستراتيجية للحروب الجديدة، بمشاركة مجموعة من الباحثين والمفكرين من العالم العربي، الذين قاموا بتقديم رؤية معمقة وموضوعية عن هذه الظاهرة المتصاعدة في المنطقة. شكلت هذه الحلقة نقطة انطلاق للحراك الأكاديمي المتواصل، حيث درست من خلالها كيفية توظيف المدنيين كوسيلة لتحقيق أهداف سياسية، سعيًا لتطوير فهم نقدي لهذا الاستهداف من منظور أكاديمي يسعى لفضح أهداف الكيان الاسرائيلي وأبعاده الاستعمارية.
علاوة على ذلك، تأتي الحلقات النقاشية في إطار إعداد كتاب مرجعي شامل، سيشارك فيه ما يتجاوز 40 باحثًا من العالم العربي، وسيصدر قريبًا عن الشبكة الدولية لدراسة المجتمعات العربية كجزء من المبادرة. يهدف هذا الكتاب إلى تقديم مجموعة من الدراسات والأبحاث التي تتناول تأثير الحروب الجديدة على المدنيين في العالم العربي، مع دراسة متعمقة لاستراتيجيات الاحتلال الاسرائيلي والاستعمار الذي يتعمد استهدافهم بشكل منهجي. ويشمل الكتاب مقالات تبحث في عدة محاور، منها الهجمات السيبرانية كأداة حربية تستهدف بنية المجتمع، والحرب على البنية التحتية التي يعتمد عليها المدنيون في حياتهم اليومية، وتأثير هذه الاستراتيجيات على النسيج الاجتماعي والديموغرافي. كما سيتضمن دراسات حول كيفية استخدام الحروب الاقتصادية والعسكرية كوسائل لتفكيك المجتمعات، بغية بناء فهم أعمق لهذه الديناميكيات في الحروب الحديثة. وسيشمل الكتاب مقالات حول دور التكنولوجيا والسيطرة على المعلومات كأدوات أساسية للتحكم في المجتمعات، حيث يوثق الباحثون كيف أصبحت التقنيات المتقدمة أسلحة في حروب متجددة تهدف إلى تهجير وتهميش المدنيين.
تعدّ هذه الحلقات النقاشية التي ستصدر ضمن الكتاب الأول، مرجعًا معرفيًا هامًا يسعى إلى استكشاف وتحليل استراتيجيات الحروب التي تستخدم المدنيين كرهائن داخل ساحة المعركة، ويطرح مقترحات للتصدي لهذه الاستراتيجيات من خلال رؤى تحليلية مستجدة.
من ناحية أخرى، تضمنت المبادرة حراكًا اعلاميًا عبر المنصات الرقمية والإعلامية في العالم العربي، لمواكبة الحراك الأكاديمي ودعمه عبر التغطية الاعلامية وفتح منصات تداولية لتوحيد الجهود الاعلامية في دعم القضية. وافتتحت المبادرة أولى حلقاتها الإعلامية عبر جريدة الوسط الرقمية في الجزائر التي استضافت أكاديميين جزائريين وعرب ناقشوا خلالها الدور الاستثنائي المطلوب من النخب الأكاديمية والإعلامية المثقفة في هذه اللحظة التاريخية الفارقة. ونحن ندعو كل المنصات الاعلامية لمواكبة مبادرتنا وفتح النقاش المعرفي المستمر على كل المنصات الإعلامية في مختلف البلدان العربية.
إرسال تعليق