نفع الأحياء للأموات بإجماع الأمة.. بجامعة "كاليكوت" الهندية

شهدت جامعة مركز كاليكوت، كيرلا، الهند، محاضرة لمفتي كاليفورنيا د. بلال الحلاق، الأمين العام لدار الفتوى بكاليفورنيا، افتتحها رئيس الجامعة فضيلة الشيخ محمد عبدالرحمان الفضي، وألقى كلمة الإشادة مدير الجامعة د. عبدالحكيم الأزهري.

كما تحدث د. بلال الحلاق، في جامعة مركز الثقافة السنية بالهند محاضرة بعنوان "إيصال النفع من الأحياء للأموات بين المسلمين: أدلة وأقوال أهل العلم". تناول فضيلته موضوع "إيصال الثواب والنفع للأموات من خلال الأعمال الصالحة التي يقوم بها الأحياء"، معتبراً ذلك إجماعاً بين علماء الأمة.

استعرض مجموعة من الأدلة الشرعية التي تؤكد مشروعية إيصال النفع للأموات عبر الأعمال الصالحة. ومن تلك الأدلة حديث سعد بن عبادة رضي الله عنه، الذي توفيت أمه وهو غائب عنها، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله إن كان بإمكانه التصدق عنها، فأجابه النبي بالإيجاب.

كما أورد د. الحلاق، حديث عائشة رضي الله عنها عن الرجل الذي قال للنبي، إن أمه قد توفيت، وكان يظن أنها لو كانت على قيد الحياة لتصدقت، فسأل إن كان له أجر إن تصدق عنها، فأجابه النبي بـ"نعم".

أضاف: أن قراءة القرآن على الأموات تُعد من الأعمال التي أجازها العديد من العلماء، مستشهداً بقول النبي: "اقرأوا يس على موتاكم". وأشار إلى أن الحنفية لا يرون حرجاً في قراءة القرآن للموتى، إلا أنهم اشترطوا الدعاء لوصول الثواب، مؤكداً أن هذا الأمر ليس محل تحريم كما يزعم البعض.

وتابع قائلا: إن الدعاء للأموات وإهداء الأعمال الصالحة إليهم من الأمور المستحبة، كما يُستدل من قول رسول الله للسيدة عائشة: "ذاك لو كان وأنا حي فأستغفر لك وأدعو لك".

واستعرض د. بلال عدة أدلة عقلية على نفع الأعمال للأموات، مشيراً إلى الصلاة على الميت، فتساءل: إذا لم تنفع الصلاة على الميت، فما الفائدة من الصلاة عليه؟ كما أشار إلى حديث نبوي يتعلق بعذاب الأموات، حيث مر النبي على قبرين فقال: "إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير". ثم أخذ النبي جريدة رطبة، فشقها نصفين، وغرز على كل قبر واحدة، وقال: "لعله يخفف عنهما". واستدل الشيخ بلال على أنه إذا كان يُرجى التخفيف عن الأموات بتسبيح الجريد، فإن تلاوة القرآن من المؤمن الصالح تكون أولى وأفضل.

وفي إطار الرد على الحجج السلفية التي تعتمد على الآية الكريمة "وأن ليس للإنسان إلا ما سعى"، أوضح د. بلال أن عدم فعل النبي لأمرٍ ما، ليس دليلاً على تحريمه، لأن البدعة قسمان كما قال الشافعي. وأشار إلى أن النبي لم يمنع قراءة القرآن للأموات، وكان يزور مقبرة البقيع بشكل متكرر، مما يدل على أهمية الزيارة والدعاء للأموات، وكان يقول: "من زار قبري وجبت له شفاعتي".

واختتم د. بلال محاضرته بالتأكيد على ضرورة اتباع منهج أهل السنة والجماعة في هذه المسائل، والاستناد إلى الأدلة الشرعية الواضحة التي تدعم مشروعية إيصال النفع للأموات.

كما أشار إلى أهمية التوازن والوسطية في الفهم الديني، مشدداً على أن الإسلام يحث على الأعمال الصالحة التي تعود بالنفع على الجميع، سواء الأحياء أو الأموات، من خلال تعزيز قيم التصدق والتراحم.

وأشاد بجهود فضيلة الشيخ أبو بكر، مفتي الديار الهندية، الجبارة لإنتاج جيل جديد وفقا لعقيدة أهل السنة والجماعة.

0 تعليقات

إرسال تعليق

Post a Comment (0)

أحدث أقدم