بقلم: د. دنيا تامري
tamiridounia@gmail.com
يعد التصوف الإسلامي أحد أرقى المسارات الروحية التي تتغيا تزكية القلوب وتهذيب النفوس، خاصة ونحن نعيش في عالم طغت فيه الماديات وافتقرنا فيه إلى الروحانيات. فما أحوجنا إلى منهج يعيد للإنسان إنسانيته، ويحقق له السكينة والتوازن الداخلي، منهج يغرس في النفس القيم الإسلامية السمحة كالمحبة، والتسامح، والرحمة، والإخلاص...
والتصوف الحقيقي لا يعني السلبية أو الانعزال عن الحياة اليومية، بل هو أسلوب حياة عملي يجعل من الصوفي إنسانًا إيجابيًا وفاعلًا في مجتمعه، يسعى لتحقيق الصلاح والإصلاح، من أجل خيري الدنيا والآخرة. ومع التقدم التكنولوجي السريع الذي يشهده عالمنا اليوم، خاصة مع ظهور تقنيات الذكاء الاصطناعي، يبرز سؤال جوهري حول كيفية توظيف هذه التقنيات الحديثة لخدمة التصوف الإسلامي وتعميق ممارساته. ولأن الصوفي "ابن وقته" كما يقال، فهو قادر على التكيف مع متغيرات عصره واستثمار كل ما من شأنه أن يثري تجربته الروحية الإنسانية، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: "الحكمة ضالة المؤمن، أنى وجدها فهو أحق بها" (الترمذي، 5/51)
مشكلة الدراسة:
تتلخص مشكلة الدراسة في معرفة الدور الذي تلعبه تقنيات الذكاء الاصطناعي في خدمة العلوم الشرعية بشكل عام، والتصوف الإسلامي بشكل خاص، كما تناقش إمكانيات الدمج بين هذه التقنيات الحديثة والتراث الروحي العلمي للتصوف، مع التركيز على الفوائد والتحديات التي قد تترتب على هذا التداخل.
هدف الدراسة:
تستهدف الدراسة عرض وتحليل بعض تقنيات الذكاء الاصطناعي لخدمة التصوف الإسلامي، فضلاً عن مناقشة التحديات التقنية والأخلاقية المرتبطة باستخدامها.
المحور الأول: مدخل مفاهيمي
- تعريف التصوف الإسلامي : منهج روحي يتغيا تحقيق الكمال الروحي الأخلاقي عن طريق الذكر والزهد والعبادة الحقة بالتزام الطاعات والابتعاد عن المعاصي والدناءات، وقد أورد له العلماء تعاريف عدة ، نورد منها تعريف الامام الحجة أبو حامد الغزالي حيث قال: "هو طرح النفس في العبودية، وتعلق القلب بالربوبية، وهو تصفية القلب عن مرافقة البرية، ومفارقة الأخلاق الطبيعية، وإخماد الصفات البشرية، ومجانبة الدواعي النفسانية، ومنازلة الصفات الروحانية، والتعلق بالعلوم الحقيقية، واتباع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في الشريعة." ()
- تعريف الذكاء الاصطناعي: عد الذكاء الاصطناعي فرعًا من فروع علم الحاسوب وأحد أهم عناصر صناعة التكنولوجيا في العصر الراهن. وهو مصطلح يتكون من كلمتين: "الذكاء" و"الاصطناعي". يشير "الذكاء" إلى القدرة على الفهم وإدراك المفاهيم الجديدة، أما "الاصطناعي" فيرتبط بالأشياء التي نتجت عن عناصر معينة على عكس الأشياء الطبيعية التي ظهرت نتيجة تدخل الإنسان() .
وعرّفه الصميدعي بأنه "إمكان الآلة على النهوض بالمهام التي يستوجب الذكاء البشري أداؤها، كالاستنتاج المنطقي، والتعلم، والقدرة على التعديل" () .
المحور الثاني: دور الذكاء الاصطناعي في خدمة العلوم الشرعية والتصوف الإسلامي
خدمة الذكاء الاصطناعي للعلوم الشرعية
خلق الذكاء الاصطناعي تحولًا نوعيًا في مجال العلوم الشرعية، إذ ساهم في تيسير الوصول إلى المادة العلمية في الباب وتحليلها بطرق حديثة بتكرة. من خلال توظيف تقنيات متعددة، من ذلك تقنية التعرف الضوئي على الحروف (Optical Character Recognition - OCR) وتقنية معالجة اللغة الطبيعية (Natural Language Processing - NLP)، إذ أصبح من الممكن تحويل النصوص الشرعية القديمة إلى صيغ رقمية قابلة للبحث والتحليل، مما سهل على الباحثين والطلاب الوصول إلى المعلومات وفهمها بعمق ودقة أكبر. بالإضافة إلى ذلك، سهل الذكاء الاصطناعي ترجمة النصوص بدقة واحترافية ، مما أتاح للباحثين من مختلف اللغات فهم هذه النصوص بعمق أكبروالتعامل معها بشكل ايسر وأدق.
2- أمثلة عملية لتوظيف الذكاء الاصطناعي في خدمة التصوف الإسلامي
أ- تحويل المخطوطات الصوفية إلى نصوص رقمية
تُعد تقنيات التعرف الضوئي على الحروف (OCR) أداة فعالة في تحويل المخطوطات الصوفية القديمة إلى نصوص رقمية. على سبيل المثال، يمكن استخدام تقنيات OCR لتحويل المخطوطات النادرة إلى نصوص رقمية، مما يتيح للباحثين تحليلها ودراستها بسهولة أكبر. هذا يسهم في الحفاظ على التراث الصوفي ونشره بين المهتمين والباحثين.
ب-معالجة اللغة الطبيعية لتسهيل الفهم
تساعد تقنيات معالجة اللغة الطبيعية (NLP) في تقديم ملخصات للنصوص الصوفية، مما يسهل فهمها وتقديم اقتراحات لقراءات ذات صلة بناءً على اهتمامات المستخدم. على سبيل المثال، يمكن استخدام NLP لتقديم ملخصات لمؤلفات صوفية مثل "الرسالة القشيرية"، مما يسهل على القراء فهم الأفكار الرئيسية والرموز الصوفية.
ج- ترجمة النصوص التراثية الصوفية
يمكن للذكاء الاصطناعي أن يسهم في ترجمة النصوص التراثية الصوفية إلى لغات متعددة، مما يتيح للباحثين من مختلف الثقافات واللغات الوصول إلى هذه النصوص وفهمها. باستخدام شبكات الترجمة العصبية (Neural Machine Translation - NMT)، يمكن تقديم ترجمات دقيقة تحافظ على السياق الروحي والمعاني العميقة للنصوص الصوفية.
د- نشر الإسلام عن طريق التصوف الإسلامي
يمكن تطوير منصات تعليمية تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتقديم محتوى صوفي تعليمي وتفاعلي يمتاز باليسر والدقة في الوقت ذاته، مما سيساعد حتما في نشر القيم الروحية والأخلاقية للإسلام.
ج- التطبيقات الذكية في نشر علم التصوف:
تطوير تطبيقات ذكية توفر النصوص الصوفية وشروحها، وتتيح للمستخدمين التنقل في المحتوى بطرق تفاعلية
ج- تجربة الواقع الافتراضي والواقع المعزز
تُعد تقنيات الواقع الافتراضي (Virtual Reality - VR) والواقع المعزز (Augmented Reality - AR) أدوات قوية في تقديم تجارب تفاعلية ستساعد حتما في تدريس علم التصوف وتعزيز الفهم العملي لمنهجه، فمن خلال هذه التقنيات، سيتمكن المستخدمون من تعزيز التفاعل مع النصوص الشرعية وتقريبها للطلبة والباحثين وتيسير فهمها و التعامل معها. كما سيتيح للأساتذة المتخصصين في علم التصوف تقريب المفهوم للطلبة، عن طريق زيارة الأماكن التاريخية الإسلامية مما يتيح لهم تجربة روحية غامرة.
هذه الأمثلة وضحت بجلاء كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يسهم بشكل فعال في خدمة التصوف الإسلامي، مما يفتح آفاقًا جديدة للبحث والتعليم في هذا المجال.
المحور الثالث: التحديات التقنية والأخلاقية لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الحقل الديني
لا شك أنه عند استخدام الذكاء الاصطناعي في العلوم الشرعية، مثل تفسير القرآن ودراسة الحديث، تبرز تحديات تتعلق بالموثوقية والدقة، نظرًا لأهمية النصوص الدينية وحساسيتها . سأعرض فيما يلي بعض التحديات التقنية والأخلاقية التي تواجه استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في الحقل الديني عامة وفي مجال التصوف الإسلامي على وجه خاص مع عرض اقتراح الحلول التي قد تسهم في تخطيها :
التحديات التقنية:
جودة وتنوع البيانات:
تطبيقات الذكاء الاصطناعي تعتمد بشكل كبير على وجود كميات كبيرة من البيانات المتاحة لتدريب النماذج وتحليل النصوص. البيانات هي الأساس الذي تُبنى عليه هذه النماذج، وكلما كانت البيانات ذات جودة عالية ومتنوعة، كانت النماذج أكثر دقة وفعالية في تقديم نتائج موثوقة.
التحدي في النصوص الشرعية :
أ- نقص البيانات الكافية: النصوص الشرعية قد تكون غير متوفرة بكميات كافية على الإنترنت أو في قواعد بيانات مفتوحة، مما يصعب تجميع البيانات اللازمة لتدريب النماذج.
ب- عدم الدقة: بعض النصوص قد تحتوي على أخطاء أو تكون مترجمة بطرق غير دقيقة، مما قد يؤدي إلى تدريب النماذج على معلومات غير صحيحة أو مشوشة.
ج- تنوع المصادر: النصوص الشرعية تأتي من مصادر متنوعة، وقد تكون هناك اختلافات في التأويل أو اللغة المستخدمة، مما يؤثر على تناغم ودقة البيانات.
الحل:
عندما تكون البيانات غير مكتملة أو تفتقر إلى الجودة المطلوبة، يمكن أن تتأثر النماذج الناتجة بشكل سلبي، مما يؤدي إلى نتائج غير دقيقة أو مضللة عند تطبيق الذكاء الاصطناعي على هذه النصوص. لذا، لضمان نتائج دقيقة، من الضروري تحسين جودة وتنوع البيانات المستخدمة في هذه التطبيقات
للتغلب على تحديات جودة وتنوع البيانات في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، خاصة عند التعامل مع النصوص الشرعية، يمكن اتباع الخطوات التالية لتحسين البيانات وضمان نتائج أكثر دقة وموثوقية:
أ- جمع بيانات متنوعة من مصادرها الموثوقة:
- يجب البحث عن مصادر موثوقة ومتنوعة للنصوص الشرعية، بما في ذلك الكتب المعتمدة، والمقالات العلمية، والمواقع المتخصصة في الفقه والشريعة والتي تقدم محتوى شرعياً دقيقاً.
ب- تنظيف البيانات وتحسين جودتها:
- مراجعة البيانات للتأكد من دقتها وخلوها من الأخطاء اللغوية أو الترجمات غير الصحيحة.
- إزالة التكرارات وتصحيح الأخطاء لضمان أن البيانات تكون صالحة وموحدة.
ج- التعلم المستمر وتحديث البيانات وتوسيعها :
- الاستمرار في جمع وتحديث البيانات لضمان مواكبة النماذج للتطورات والأبحاث الجديدة في المجال الشرعي.
- تحديث النماذج بانتظام باستخدام أحدث البيانات لضمان موثوقية ودقة النتائج.
د- التعاون بين خبراء في الذكاء الاصطناعي و علماء متخصصين في الشريعة الإسلامية :
- العمل مع علماء الشريعة والمختصين للتحقق من دقة المحتوى وتوجيه عمليات جمع البيانات.
- الاستفادة من ملاحظاتهم وتوجيهاتهم وتسديداتهم لتحسين النماذج ومعالجة أي مشاكل في التأويل أو الفهم.
2. التعقيد اللغوي: النصوص الشرعية، لا سيما القديمة منها، تتسم بتعقيد لغوي ورمزية عالية، مما يستلزم تقنيات متقدمة في معالجة اللغة الطبيعية لفهم السياق والمعاني بدقة
الحل:
تقنيات معالجة اللغة الطبيعية (NLP) المتقدمة: تطوير نماذج تعلم عميق متخصصة في اللغة العربية، وخصوصاً النصوص الشرعية. هذه النماذج يمكن تدريبها باستخدام مجموعات كبيرة ومتنوعة من البيانات الشرعية لفهم السياق والتعبيرات الرمزية بدقة أعلى.
الاستعانة بالعلماء المتخصصين: مشاركة علماء في العلوم الشرعية في تطوير النماذج لفهم التعقيدات اللغوية والرمزية في النصوص الشرعية، مما يساهم في تحسين دقة النموذج وتفسيراته.
التحسين المستمر للنماذج: استخدام التعلم المستمر لتحسين النماذج بمرور الوقت، بالاستفادة من التغذية الراجعة من المختصين في العلوم الشرعية.
تطوير أدوات تفسير ذكية: إنشاء أدوات تفاعلية لتحليل النصوص الشرعية، وتوفير شروحات واستدلالات تتعلق بالنصوص القرآنية والأحاديث النبوية، لتعزيز الفهم.
هذه الحلول يمكن أن تساعد في التغلب على التحديات المتعلقة بالتعقيد اللغوي والتكاليف العالية، مما يسهم في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل فعال في العلوم الشرعية.
3-التكلفة الباهظة لتحقيق التكامل مع الأنظمة الحالية : إذ يتطلب دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي مع الأنظمة التقنية القائمة تحديث البنية التحتية، مما قد يستلزم استثمارات كبرى وتكلفة مالية باهظة في التكنولوجيا والتدريب لتسهيل هذا الدمج بشكل فعّال.
الحل:
أ- استخدام المنصات المجانية : بدء الاستخدام بأدوات ومنصات ذكاء اصطناعي مفتوحة المصدر لتقليل تكاليف الترخيص والبنية التحتية، مع إمكانية تعديلها لتناسب التطبيقات الشرعية.
ب - البحث عن شراكات استراتيجية: التعاون مع شركات تقنية ومؤسسات أكاديمية لتقليل التكاليف، من خلال الاستفادة من خبراتهم وبنيتهم التحتية، إضافة إلى التمويل المشترك للمشاريع البحثية.
ج- الاستثمار في التدريب وبناء القدرات: تقديم برامج تدريبية مخصصة للموظفين والعاملين في العلوم الشرعية حول استخدام التقنيات الحديثة، مما يسهل الدمج الفعال ويقلل الحاجة إلى التدخلات الخارجية المكلفة.
د- البحث عن دعم وتمويل خارجي: وذلك عن طريق السعي للحصول على منح وتمويلات من جهات دولية أو محلية تدعم تطوير التقنيات في مجال العلوم الشرعية، مما يمكن أن يساعد في تغطية بعض تكاليف البنية التحتية والتحديث.
التحديات الأخلاقية :
الالتزام بالقيم الشرعية: يجب أن تلتزم تطبيقات الذكاء الاصطناعي بالمبادئ والقيم الشرعية، مع الحرص على تجنب أي استخدامات تتعارض مع التعاليم الإسلامية.
الحل:
من الضروري تطوير سياسات وإرشادات واضحة لاستخدام الذكاء الاصطناعي تتماشى مع القيم الشرعية، مع إشراك علماء الشريعة في كل مراحل التطوير والتطبيق لضمان عدم تعارض هذه التطبيقات مع تعاليم الشريعة الإسلامية. كما ينبغي توفير آليات مراجعة وتقييم شرعية دورية للتأكد من الالتزام المستمر بهذه القيم بالاستعانة بعلماء متخصصين في الشريعة الإسلامية.
حماية الخصوصية والبيانات: نظرًا لتزايد استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات، يصبح من الضروري ضمان حماية خصوصية المستخدمين وسرية بياناتهم.
الحل:
يجب تبني إجراءات صارمة لحماية الخصوصية، مثل استخدام تقنيات التشفير وحفظ البيانات بطرق آمنة، مع احترام مبادئ الشريعة التي تؤكد على حفظ السرية والخصوصية. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي وضع بروتوكولات واضحة للتعامل مع البيانات، بما في ذلك الحصول على موافقة المستخدمين وتوضيح كيفية استخدام البيانات
التحيز في الخوارزميات: قد تحتوي نماذج الذكاء الاصطناعي على تحيزات خوارزمية تؤثر على النتائج، مما يستلزم مراقبة وتصحيحًا مستمرًا لضمان نزاهة ودقة المخرجات.
الحل
يتطلب مواجهة هذا التحدي اعتماد عمليات تدريب للخوارزميات بشكل متنوع وشامل، وإجراء اختبارات ومراجعات منتظمة للكشف عن أي تحيزات محتملة. يجب أيضًا الاستعانة بخبراء شرعيين ومجتمعيين في تصميم النماذج لضمان أن تكون المخرجات متوازنة ونزيهة، وتتماشى مع المبادئ الشرعية
في مجال التصوف الإسلامي: تظهر تحديات إضافية تتعلق بفهم وتفسير الرموز الصوفية العميقة. يتطلب هذا النوع من النصوص مراعاة السياق الروحي والعمل بتعاون وثيق مع علماء التصوف لضمان دقة التفسير والالتزام بالقيم الروحية.
الحل:
يجب إشراك علماء التصوف والباحثين المتخصصين في التصوف الإسلامي عند استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل النصوص الصوفية، لضمان التفسير الصحيح للرموز والمفاهيم الروحية العميقة.
هذه التحديات تتطلب تبني نهج شامل يدمج بين التطورات التقنية والاعتبارات الأخلاقية، لضمان الاستخدام المسؤول والفعّال لتقنيات الذكاء الاصطناعي في خدمة العلوم الشرعية عامة والتصوف الإسلامي بشكل خاص ، مع ضرورة تحقيق توازن بين الابتكار التكنولوجي والالتزام بمبادئ الشرعية، والحفاظ على دقة وصحة التطبيقات في مجالات العلوم الشرعية، والتأكد من أنها تخدم الدين والمجتمع الإسلامي بشكل صحيح وآمن.
خاتمة
في ختام هذا البحث حول توظيف الذكاء الاصطناعي في خدمة العلوم الشرعية والتصوف الإسلامي، نخلص إلى أن هذه التقنيات تحمل إمكانيات هائلة لتعزيز فهم العلوم الشرعية ونشر الدين الإسلامي بطرق مبتكرة وفعالة. ومع ذلك، فإن النجاح في هذا المجال يتطلب مواجهة التحديات التقنية والأخلاقية بجدية، لضمان الاستخدام المسؤول والمشروع لهذه الأدوات.
التوصيات والمقترحات
1. تعزيز التعاون بين التقنيين المتخصصين في الذكاء الاصطناعي والعلماء المتخصصين في الشريعة الإسلامية: من الضروري إنشاء جسور تعاون بين خبراء الذكاء الاصطناعي وعلماء الشريعة لضمان أن تكون التطبيقات التقنية متوافقة مع القيم والمبادئ الدينية.
2. تطوير خوارزميات شفافة ومحايدة: يجب العمل على تطوير خوارزميات تتسم بالشفافية والحيادية، مع التركيز على تجنب التحيزات التي قد تؤثر على دقة النتائج.
3. إشراك علماء الدين وعلماء التقنية في التقييم : يمكن تعزيز موثوقية التطبيقات من خلال إشراك المجتمع الأكاديمي والديني في تقييم مخرجات الذكاء الاصطناعي، لضمان توافقها مع تعاليم الشريعة الإسلامية .
5. حماية الخصوصية والبيانات: يجب وضع سياسات صارمة لحماية الخصوصية والبيانات الشخصية للمستخدمين، مع ضمان عدم استخدامها بطرق غير مشروعة.
6. الاستثمار في البحث والشراكات : لتعزيز تطبيق الذكاء الاصطناعي في العلوم الشرعية، ينبغي تكثيف الجهود للاستثمار في البحث العلمي عبر الشراكات مع مؤسسات خارجية متخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي.
7. تدريب وتأهيل العلماء الشرعيين في الجانب التكنولوجي والرقمنة : من الضروري عقد شراكات مع مؤسسات متخصصة في تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي لتدريب العلماء الشرعيين. ، مما يعزز قدرتهم على الإشراف على التطبيقات التقنية في مجالاتهم وضمان استخدامها بشكل مناسب ومفيد.
مناسبة البحث
القى هذا البحث فى الملتقى العالمي للتصوّف فى نسخته التاسعة عشر، الذى عقدته مشيخة الطريقة القادرية البودشيشية، هذا العام تحت عنوان "التصوف ومآل القيم في زمن الذكاء الاصطناعي"، ضمن فعاليات "شهر الفرح برسول الله، صلى الله عليه وآله وصحبه وسلّم" تحت الرعاية الساميّة لجلالة الملك محمد السادس- حفظه الله- ورئاسة وحضور العارف بالله مولاي د. جمال الدين القادري بودشيش- رضي الله عنه- ومؤسّسة المُلْتَقَى، بشراكة مع المركز الأورومتوسطي لدراسة الإسلام اليوم، ومؤسّسة الجمال. بـ"مداغ، ناحية بركان بالجهة الشرقية المغربية، بإشراف بِشَارة العارفين سيدي د. منير القادرى- رئيس مؤسسة الملتقى، مدير المركز الأورومتوسطي لدراسة الإسلام اليوم، نائب الطريقة القادرية البودشيشة.
إرسال تعليق