تعلموا من الرحمة المهداة

بالتى هى أحسن.. بقلم: د. إلهام شاهين

يتجاهل كثير من الأزواج حاجة الزوجة إلى تجديد المشاعر والتغيير فى أسلوب التعامل الروتينى معها, بل يجهل البعض منهم قراءة تعبيرات الزوجة عن رضاها أو غضبها, وبالرغم من معرفة هؤلاء الرجال بسيرة النبى, إلا أنهم لا يجيدون السير على طريقته فى التعامل مع زوجاته, ويتغاضون عن سنته فى تعبيره عن حبه لزوجاته صلى الله عليه وسلم؛ ولذا نجد أن العلاقة بين الزوجين أصبح يشوبها فى هذه الأيام كثير من القلق والاضطراب خاصة فى ظل وسائل الاتصال الحديثة, ومواقع التباعد الاجتماعى عفوا أقصد مواقع التواصل الاجتماعى التى تلهى الأسرة وتجعل كل فرد فيها له عالمه الخاص الذى يعيش فيه بعيدا عن أهله وذويه فإذا احتاج ليد حانية وقلب محب لم يجد البعيد ووجد القريب أبعد ما يكون منه بالجفا والإهمال! ولو أننا أحببنا رسولنا لاتبعنا سيرته ومشينا على سنته وها هو أرقى الناس فى المشاعر وأكثرهم حرصا على إظهار المحبة لزوجاته والتواصل معهن بالقول والفعل وهو القائل: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي).

فرسولنا الكريم كان يجيد قراءة مشاعر زوجاته دون أن تحتاج إلى الإفصاح عن تلك المشاعر فيقول للسيدة عائشة رضى الله عنها: "أنى لأعلم إذا كنت عني راضية وإذا كنت عنى غضبى.. أما إذا كنت عنى راضية فإنك تقولين لا ورب محمد.. وإذا كنت عني غضبى قلت: لا ورب إبراهيم" رواه مسلم

فإذا كانت غاضبة دللها بأحب الأسماء والصفات لها وذكرها بمكانتها عنده ورفعتها بسببه عند أعظم الملائكة فيقول لعائشة :"يا عائش، يا عائش هذا جبريل يقرئك السلام". وكان يقول لها أيضا: يا حميراء، والحميراء تصغير حمراء يريد يا صاحبة الوجه الأبيض المشرب بحمرة.

فإذا شربت زوجته تتبع مكان فمها فشرب منه وإذا أكلت تتبع مكان أسنانها فأكل من موضعها، قالت عائشة تروى ذلك عنه :"كنت أشرب فأناوله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع فيّ، وأتعرق العرق فيضع فاه على موضع فيّ". رواه مسلم والعَرْق: العظم عليه بقية من اللحم وأتعرق أي آخذ عنه اللحم بأسناني يفعل ذلك أمامها ليلاطفها ويظهر لها حبه وغرامه بتفاصيلها 

فإذا كانت فى أعمال المنزل ترفق بها فلم يكلفها عملا له ,بل ساعدها فى أعمال منزلها, وقام بما يخفف عنها فإذا أتى الليل خرج ليسير معها ويلاعبها ويداعبها،

سئلت عائشة: ما كان النبي يصنع في بيته؟ قالت: "كان في مهنة أهله". يقوم بأعماله الخاصة به بنفسه تخفيفا عليها.

سئلت السيدة عائشة: ما كان رسول الله يعمل في بيته؟ قالت: "كان بشرًا من البشر، يخيط ثوبه ويحلب شاته ويخدم نفسه".

وتغضب زوجته فتثور وتريد من يحكم بينهما فيسألها عمن ترضاه حكما بينهما ويعرض عليها الأسماء: هل ترضين أن يحكم بيننا أبو عبيدة بن الجراح؟ فتقول: لا.. هذا رجل لن يحكم عليك لي، قال: هل ترضين بعمر؟ قالت: لا.. عمر رجل غليظ. قال: هل ترضين بأبي بكر (أبيها)؟ قالت: نعم.

ويأتي أبو بكر فيسمعها وهى ترفع صوتها على النبي وهو يتحمل ثورتها ويمتص غضبها ويشرك أبيها فى الحكم بينهما فإذا زال الغضب وهدأت النفوس 

وضع يده على كتفـها ودعا لها بقوله: [اللهم اغفر لها ذنبها وأذهب غيظ قلبها، وأعذها من الفتن] 

فليتنا نتعلم من الرحمة المهداة فن التعامل بين الأزواج لتهنأ وتسعد حياة الزوجات والأزواج.

0 تعليقات

إرسال تعليق

Post a Comment (0)

أحدث أقدم