"الفرح برسول الله".. فى ملتقى البودشيشية الـ 19:

 

التوازن بين القيم الروحیة والمادية.. سر نجاح الحضارة الإسلامية
د. منير القادرى: الاحتفال بالمولد النبوى.. يوم عيدنا لتجديد العهد مع الله ورسوله

رسالة المغرب: مصطفى ياسين

انطلقت بمقر مشيخة الطريقة القادرية البودشيشية فى زاويتها العامرة بـ"مداغ، ناحية وَجْدَة المغربية- احتفالات إحياء ليالى المولد النبوي الشريف- والتى تستمر طوال شهر ربيع الأول- بإقامة أسبوع الفرح برسول الله- صلى الله عليه وآله وصحبه وسلّم- تحت الرعاية الساميّة لجلالة الملك محمد السادس- حفظه الله- ورئاسة العارف بالله مولاي جمال الدين القادري بودشيش- رضي الله عنه- ومؤسّسة المُلْتَقَى، بشراكة مع المركز الأورومتوسطي لدراسة الإسلام اليوم، ومؤسّسة الجمال.

يتزامن مع الاحتفالات، انعقاد الملتقى العالمي للتصوّف فى نسخته التاسعة عشر، والذى يُعَدُّ مناسَبَة للتواصل مع المُريدين والمُريدات، وهو ترجمان حقيقي لما تسير عليه الزاوية البودشيشية من فكر صوفي عميق يجذب في تجلّياته الطرف الآخر والاستماع إليه من مُفكّرين وأكاديميين وباحثين ومُثقّفين، تحت إشراف بِشَارة العارفين سيدي د. منير القادرى- رئيس مؤسسة الملتقى، مدير المركز الأورومتوسطي لدراسة الإسلام اليوم، نائب الطريقة القادرية البودشيشة- الذى أشاد بالتجربة المغربية التى قدَّمت النموذج العملى للقيم الدينية والوطنية بِبُعدها الكونى العالمى.

يوم عيد

أشار "د. منير" إلى أن الحرص على الاحتفال بالمولد النبوى الشريف، لأنه يوم عيدنا بالنسبة لنا لتجديد العهد مع الله ورسوله، حيث يأتي للزاوية المُحبّون والعاشقون والمُتيَّمون برسول الله، وتقوم الزاوية بعمل كافّة الترتيبات لاستقبالهم، فالزاوية القادرية البودشيشية، تعتَبِر مولد النّبي، بمثابة تجديد عهد مع الله ورسوله الكريم، ففي هذا اليوم يجتمع شيخ الزاوية سيدي جمال الدين القادري مع مريديه وأحبابه من كل أنحاء العالم، لنرفع أكفَّ الضراعة إلي المولي سبحانه وتعالي، ليغفر لنا ويرحمنا ويجعلنا في معيّته ورعايته.

أكَّد أن الصوفى "ابن وَقْتِه" ينخرط فى مجتمعه وليس منعزلا عنه، وليس كلّ من ادّعى "المشيخة" صار مُرَبِّيًا، ولو تزيَّن بـ"زِىِّ العارفين". موضحا أن الإسلام رسالة إنسانية تحقّق الخيرية العالمية، وأن الأخلاق عنوان صلاح الأُمم، وفقدانها يصيب الأمن الروحى بالخَلَل.

مشاركة إيجابية

وقال د. منير القادرى: الملتقى يشهد مشاركة علماء ومفكّرين وباحثين من مختلف القارات، والذين يتدارسون القضايا المعاصرة ورؤية التصوف لها ودوره اﻟﺒﻨﺎء، ﺟﻨﺒﺎ إ ﺟﻨﺐ ﻣﻊ باﻗﻲ اﻷﺷﻜﺎل التربوية اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ واﻟﻨﺎﺟﻌﺔ، باعتباره كعلم للتزكية واﻟﺑﻴﺔ اﻟﺮوﺣﻴﺔ ﻳﻜﺘﻨﺰ ﻣﻘﻮِّﻣﺎت عديدة ﻜﻦ اﺳﺘﺜﻤﺎرﻫﺎ ورش ﺑﻨﺎء اﻟﻘﻴﻢ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ واﻟﻮﻃﻨﻴﺔ، مؤكِّدا أن القيم الأخلاقية ﻫﻲ اﻟتي ﺗﻮﺟِّﻪ ﺳﻠﻮﻛﻴﺎت اﻷﻓﺮاد إ ﻣﺎ ﻳﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣﻊ ﻣﺎ يطلبه المجتمع وﻣﺎ يرفضه ﻣﻦ أﺣﻜﺎم ﺗﺘﻤﺎﻫﻰ ﻣﻊ اﻟﻀﻮاﺑﻂ اﻟﺸﺮﻋﻴﺔ واﻟﻌﺮﻓﻴﺔ واﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ، إننا باﻟﻘﻴﻢ ﻧﺮﺗﻘﻲ ﺑﻌﻼﻗﺎتنا ﻣﻦ اﻟﺼﻔﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ اﻮﻓﺎء التي ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﻰ محددي ا والواجب، إ أﻓﻖ أﻛﺜﺮ اﻧﻔﺘﺎﺣﺎ، واﻧﺴﺠﺎﻣﺎ ﻣﻊ ﻫﻮﻳﺘﻨﺎ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ، وﺑﺬﻟﻚ ﻧﻨﻔﺘﺢ اﻃَﻨﺘﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﻢ اﻟﺘﺂﺧﻲ والتسامح واﻟﺘﺴﺎﻛﻦ واﺒﺔ، ﻓﺘﺼ ﻣﻮاﻃﻨﺔ أﻛﺜﺮ ﻓﺎﻋﻠﻴﺔ وإﻧﺘﺎﺟﻴﺔ.

فنحن لا نفعل كالحضارة المعاصرة من حيث تهميشها للجوانب الروحیة والقیمیة للإنسان، مما أدى إلى دخول مجتمعاتها في أنفاق مظلمة، رغم التقدّم الحاصل ماديا وتقنيا، وتجلَّى ذلك في الأزمات الأخلاقية والنفسیة الخانقة التي یتخبَّط فیها إنسان اليوم، والفراغ الروحي المهول الذي یعانیه، ومظاهر الانحراف السلوكي، بالإضافة إلى الاستنزاف المتزاید للثروات، وما رافقه من اختلال خطیر في النظام البیئي العالمي، وغیر ذلك من الجوانب السلبية لهذه التنمیة المادّيّة الصِرْفة.

إن الإسلام يتميّز بنزعته الإنسانية العالمية المنفتحة التي لا فرق فيها بين مسلم وآخر، وأنها تمثِّل حقيقة جوهرية في الممارسة الصوفية ومنهجها التربوي والسلوكي المبني على خطاب الرحمة والمحبّة ونفع الخَلْق، فهذه النزعة الإنسانية مستنبطة من التصوّر القرآني للحقيقة الإنسانية.

0 تعليقات

إرسال تعليق

Post a Comment (0)

أحدث أقدم