بقلم: د. هشام عبدالسيد الصافي، جامعة حلوان
أصبحت
الأثرة "الأنانية" في المجتمع، من الصفات المنتشرة بشكل يجعلها من
السمات التي تحكم سلوك المجتمع! في البداية ظهرت كمحاولة كل شخص في الحصول على
حاجته دون النظر لحاجة غيره ثم انتقل الأمر للمجتمع الصغير نهاية بالأسرة؛ كانت
المسألة في الأمور الضرورية للحياة، فكان هناك قبول نوعي للأثرة بحكم أن صاحبها لم
يكن أمامه غير ذلك ليحيا! ثم انتقلت الأثرة لما هو غير ضروري، ثم صارت إلي كل شئ
حتى توافه الأمور! فأصبح الصغير يسلب حق الكبير والمريض والحامل في مقعد مترو الأنفاق
وهو لا يشعر بأي خجل انساني! وانتشرت أوتاد الحديد أمام العمارات الشاهقة كل شخص
يحدد له مكانا لوضع سيارته! في شارع من المفترض أنه ملك لجميع المواطنين! الجديد انني
أثناء صلاة الجمعة بالصف الثاني فوجئت
بشخص ينازعني مكاني، فأفسحت له- كما أُمرنا- ثم لم يكتف بذلك بل بعدما صلّي ركعتين
تحية المسجد جلس مسندا ظهره للحائط وخوفا منه على المكان وضع "محفظته" لحجز
المكان!
والأثرة
(الأنانية) نقيصة إنسانية مذمومة ومرفوضة، وقد ورد في ذمّها الكثير من الآيات
القرآنية، فقال تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ طَغَى* وَآَثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا*
فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى﴾، النازعات: 37 – 39، وقال: (قَدْ أَفْلَحَ
مَنْ تَزَكَّى* وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى* بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ
الدُّنْيَا* وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى...﴾، الأعلى: 13 – 16 ]. قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي
أُثْرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ)، [متفق عليه] وقَالَ
لَنَا رَسُولُ اللَّهِ: (إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً وَأُمُورًا
تُنْكِرُونَهَا، قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَدُّوا
إِلَيْهِمْ حَقَّهُمْ، وَسَلُوا اللَّهَ حَقَّكُمْ)، [متفق عليه].
وفي النهاية يجب أن نتساءل: هل ستظل الأثرة تسيطر على فكر المجتمع؟ وما هي نهاية طريق الأثرة وما سيفرزه من أشخاص منزوعى أخلاق الإنسانية؟!
إرسال تعليق